للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهل يكفي طهارة الجزء الذي يجلس عليه، ولو كان الجزء الذي يومئ إليه نجسًا إذا كان لا يباشره؟

هذه المسألة داخلة في مسألة: اشتراط طهارة البقعة التي يصلى عليها، وسوف تأتينا إن شاء الله تعالى دراسة اشتراط الطهارة كشرط مستقل له مباحثه.

وتوقف الحنفية في طهارة الحمار والبغل من الحيوانات المركوبة.

وذهب الحنابلة في المشهور إلى نجاسة الحمار والبغل، وكل حيوان لا يؤكل لحمه إلا الهر وما دونه في الخلقة فطاهر (١).

وعليه فالحنفية والحنابلة يبحثون اشتراط طهارة الدابة للصلاة عليها، إذا كان المركوب نجسًا.

والسؤال: أتصح الصلاة فوق الحيوان النجس إذا باشر بدنُ المصلي بدنَ الحيوان النجس، أم أن هذا مما يعفى عنه؛ لقيام الحاجة؟

وهل يكفي أن يضع حائلًا فوق الدابة من سرج وركاب لتصح صلاته على الدابة؟

والخلاف فيه يتنزل على اختلافهم في الأرض النجسة إذا بُسِط عليها ثوب طاهر، هل يمكنه الصلاة فوقها؟

وللفقهاء فيها ثلاثة أقوال، سوف نعرض لها إن شاء الله تعالى عند الكلام على شرط الطهارة (٢).


(١) انظر اختلاف الفقهاء في نجاسة الحيوان في: التمهيد (١٨/ ٢٧١)، الاستذكار (١/ ٢٠٨، ٢١١)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (١/ ٥٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٣/ ٤٥)، الأم (١/ ٥)، روضة الطالبين (١/ ٣١)، وقال النووي في المجموع (٢/ ٥٩٠): «وأما الحيوان فكله طاهر إلا الكلب والخنزير، والمتولد من أحدهما».
وانظر مذهب الحنابلة في الإنصاف (١/ ٣٤٣)، وكشاف القناع (١/ ٥٧).
وقد تكلمت عن مذاهب العلماء في الحيوانات طهارة ونجاسة في كتابي موسوعة الطهارة، الطبعة الثالثة، المجلد السادس.
(٢) القول بالصحة هو مذهب الجمهور؛ لأنه ليس مباشرًا للنجاسة، ولا حاملًا لها، ولا ملاقيًا لها.
وقال الشافعية والحنابلة في المشهور: تصح مع الكراهة؛ لاعتماده على ما لا تصح الصلاة عليه.
وقيل: لا تصح، وهو قول في مذهب الحنابلة؛ لأن المَقَر شرط للصلاة فاشترطت طهارته كالثوب. ولأنه مدفن للنجاسة، أشبه المقبرة، ولأنه معتمد على النجاسة أشبه ملاقاتها.
جاء في المقنع في فقه الإمام أحمد (ص: ٤٦): «وإِن طيَّن الأرض النجسة أو بسط عليها شيئًا طاهرًا صحت الصلاة عليها مع الكراهة. وقيل لا تصح».
قال في الشرح الكبير على المقنع (١/ ٤٧٥): «والأول أولى؛ لأن الطهارة إنما تشترط في بدن المصلي وثوبه وموضع صلاته وقد وجد ذلك كله، والعلة في الأصل غير مسلمة؛ بدليل عدم صحة الصلاة بين القبور، وليس مدفنًا للنجاسة.
وقال ابن أبي موسى: إن كانت النجاسة المبسوط عليها رطبة لم تصح الصلاة، وإلا صحت».
انظر البحر الرائق (١/ ٢٨٢)، المدونة (١/ ١٧٠)، التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٢٤٤)، الرسالة للقيرواني (ص: ٤٢)، النوادر والزيادات (١/ ٢٢١)، التاج والإكليل (١/ ١٨٩)، المنتقى للباجي (١/ ٣٠٢)، الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٥٢٠)، الأم (١/ ٧٠)، المجموع (٢/ ٥٩٧)، المهذب للشيرازي (١/ ١٢٢)، الحاوي للماوردي (٢/ ٢٦٣)، روضة الطالبين (١/ ٢٧٩)، البيان للعمراني (٢/ ١٠٩) الحاوي في الفقه على مذهب أحمد (١/ ٢٤٦)، والمغني لابن قدامة (٢/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>