فمن قال: إن ستر العورة المغلظة شرط بقيد القدرة. أوجب على الناسي الإعادة دون العاجز. ومن قال: إن ستر العورة شرط بقيد الذكر والقدرة. لم يوجب على الناسي والعاجز الإعادة. ومن قال: إنها واجب، أو سنة استحب الإعادة في الوقت. والمسألة سيختلف فيها أصحاب المالكية تبعًا لهذه الأقوال. وقد مر معنا في المسألة السابقة أن المالكية يقولون: إن السترة إذا وجدت حال الصلاة، وكانت بعيدة، فإنه يتمادى، ويعيد ندبًا في الوقت، لأنهم يرون أن العلم بها بعد الشروع فيها يختلف عن العلم بها قبل الشروع، فإذا صحت الصلاة مع وجود السترة قبل الفراغ منها، فمن باب أولى صحة الصلاة إذا لم يعلم بوجود السترة إلا بعد الفراغ منها. انظر الفواكه الدواني (١/ ١٢٩)، حاشية الصاوي (١/ ٢٨٦)، المنتقى للباجي (١/ ٢٥١). وقال اللخمي في التبصرة (١/ ١٨٧): فإن طرأ الماء -يعني على المتيمم- وهو في الصلاة لم يجب عليه استعماله، وإن كان في اتساع من الوقت، وأتم على ما هو عليه، ويجري فيها قول آخر: أنه يقطع، قياسًا على أحد القولين في الأمة تعتق، وهي مكشوفة الرأس في الصلاة، والعريان يجد ثوبًا، وهو في الصلاة ...... فجميع هذه المسائل مختلف فيها، فقيل: يتمادى، ولا شيء عليه، وأن الخطاب يتوجه بذلك قبل أن يتلبس بالصلاة. وقيل: يقطع». وتلحظ أنهم لا يفرقون في الحكم بين هذه المسائل، وأن مخرجها واحد. وقال النووي في المجموع (٣/ ١٨٤): «ولو كانت السترة بقربه، ولم يعلمها، فصلى عاريًا، ثم علمها بعد الفراغ، أو في أثناء الصلاة ففي صحة صلاته طريقان حكاهما القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما: أحدهما: - وبه قطع المصنف وآخرون -فيه القولان فيمن صلى بنجاسة جاهلًا بها. والثاني: تجب الإعادة هنا قولًا واحدًا؛ لأنه لم يَأْتِ ببدل، ولأنه نادر وبهذا الطريق قطع الشيخ أبو حامد والمحاملي». اه (١) النوادر والزيادات (١/ ٢٠٨)، التبصرة للخمي (١/ ١٨٧)، المجموع (٣/ ١٨٤)، نهاية المحتاج (٢/ ١٣). وقال ابن تيمية في شرح العمدة -كتاب الصلاة- (ص: ٣٤٣): «ولا تسقط السترة بجهل وجوبها ولا نسيان لها كما تسقط بالعجز، فلو نسي الاستتار وصلى، أو جهل وجوبه، أو أعتقت الأمة في أثناء الصلاة ولم تعلم حتى فرغت لزمتهم الإعادة». وقال في الفروع (٢/ ٥٤): «وإن جهلت -يعني الأمة التي صلت ولم تستر رأسها- العتق، أو وجوب الستر، أو القدرة عليه أعادت».