للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

غيرهم على قولهم في وجوب شراء الماء لتحصيل الطهارة من وضوء وغسل، بل إن مسألة ستر العورة أولى بالتحصيل من شراء الماء، ذلك أن ستر العورة يجب في الصلاة وفي خارجها، بخلاف الطهارة من الحدث فلا تجب لغير الصلاة.

ولأن ستر العورة حق لله وحق للناس، فلا يجوز للإنسان أن يخرج في أسواق المسلمين عاريًا، بخلاف طهارة الحدث فهي حق لله خاصة.

ولذلك قال النووي: «لو احتاج إلى شراء الثوب والماء للطهارة، ولم يمكنه إلا أحدهما اشترى الثوب؛ لأنه لا بدل له، ولأنه يدوم» (١).

تنبيه: قال الشافعية والحنابلة: الاستئجار بمنزلة الشراء (٢)، وهو ظاهر؛ لأن المقصود تحصيل السترة تملكًا للعين أو تملكًا للمنفعة.

[م-٢٨٩] فإن زاد عن ثمن المثل بيعًا أو شراء فاختلفوا:

فقيل: لا يجب عليه الشراء مطلقًا، بل يستحب وبه قال الشافعية (٣).

وقيل: إن كانت الزيادة يسيرة بمقدار ما يتغابن به الناس بمثله، ولا تجحف بماله، وجب الشراء، وإن كانت فاحشة لم يجب، وهذا مذهب الحنابلة (٤).

وقال به الحنفية في مسألة شراء الماء للوضوء، وهذه المسألة مقيسة عليها، بل هي أولى من شراء الماء للوضوء كما سيأتي بيانه عند الترجيح (٥).

قال صاحب الفائق من الحنفية: «ولو قدر بشرائه بثمن مثله لم يذكروه وينبغي


(١) المجموع (٣/ ١٨٨).
(٢) مغني المحتاج (١/ ٣٩٩)، الشرح الكبير على المقنع (٣/ ٢٣٥).
(٣) مغني المحتاج (١/ ٣٩٩).
(٤) شرح منتهى الإرادات (١/ ١٦٣)، كشاف القناع (١/ ٢٩٢)، مطالب أولي النهى (١/ ٣٦٤)، شرح العمدة لابن تيمية -كتاب الطهارة- (ص: ٤٣٢).
(٥) واختلف الحنفية في تفسير الفاحش، ففي النوادر: جعله في تضعيف الثمن، وقال بعضهم: هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين. انظر شرح العناية على الهداية (١/ ١٤٢)، بدائع الصنائع (١/ ٤٨ - ٤٩)، فتح القدير لابن الهمام (١/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>