وقد عبر أكثر الحنفية بأن صلاتهم فرادى من باب الأولوية، كما في السراج، وهو معنى تعبير بعضهم بالأفضل كما في العناية شرح الهداية (١/ ٣٥٢)، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق (١/ ٩٨)، ومجمع الأنهر (١/ ٨٢)، وقال الكاساني في بدائع الصنائع (١/ ١٤١) «ينبغي لهم أن يصلوا فرادى». اه وكلها عبارات لا تدل على كراهية الجماعة فضلًا عن التحريم. وعبر بعض الحنفية بكراهة الصلاة جماعة، وفي النهر الفائق، وفي كلام ابن نجيم إيماء إلى أنها كراهة تحريمية. انظر منحة الخالق حاشية على البحر الرائق (١/ ٢٧٢)، ولعل الراجح في مذهب الحنفية الأول. وجاء في المدونة (١/ ١٨٦): «قال مالك: في العراة لا يقدرون على الثياب، قال: يصلون أفذاذًا يتباعد بعضهم عن بعض، ويصلون قيامًا، قال: وإن كانوا في ليل مظلم لا يتبين بعضهم بعضًا صلوا جماعة، وتقدمهم إمامهم». وقال ابن جزي في القوانين الفقهية (ص: ٤١): «وإن اجتمع عراة في الظلام صلوا كالمستورين وإن كانوا في الضوء تباعدوا وصلوا أفذاذًا، وإلا صلوا جلوسًا. وقيل: قيامًا ويغضون أبصارهم». فإن صلوا ولم يتفرقوا مع القدرة عليه، فقيل: يعيدون أبدًا لأنهم بمنزلة من صلى عاريًا مع القدرة على الستر، وقيل: يعيدون في الوقت؛ لتركهم الأمر الواجب الذي ليس بشرط؛ لأن وجوب التفرق لحرمة الرؤية والنظر للعورة، لا لكونه بمنزلة الستر، ورجحه الدسوقي في حاشيته (١/ ٢٢١). وانظر شرح الزرقاني على مختصر خليل (١/ ٣٢٤)، والبيان والتحصيل (٢/ ١٩٦)، الذخيرة (٢/ ١٠٦)، إرشاد السالك (١/ ١٥)، التاج والإكليل (٢/ ١٩٣)، شرح مختصر خليل (١/ ٢٥٤). وقال إمام الحرمين في نهاية المطلب (٢/ ١٩٤): «الذي نص عليه في القديم أنهم يصلون فُرادى … ولا خلاف أنهم لو عقدوا جماعة، صح ذلك منهم».