للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الدليل الثاني:

استدل الحنفية بقوله تعالى: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ [النساء: ٤٣].

وجه الاستدلال:

استدل بها الحنفية على أن السكران مكلف، حيث خاطبهم الشارع، ونهاهم حال سكرهم (١).

• ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

أن الحنفية لم يجعلوا التكليف شرطًا في صحة الأذان، فصححوا أذان المجنون إذا وقع منه على الكيفية المشروعة، وهو مجمع على رفع التكليف عنه، فما بالك بالسكران، والذي في تكليفه حال سكره خلاف بين الفقهاء.

جاء في الأصل «قلت: أرأيت رجلًا أذن، وأقام، وهو سكران لا يعقل، أو مجنون مغلوب لا يعقل، فصلى القوم بذلك الأذان؟ قال: يجزيهم .... » (٢).

الوجه الثاني:

لا يمكن أن يقال: إن الشرع خاطبهم حال اختلاط عقولهم بالسكر؛ لأن الذي لا يعلم ما يقول بنص الآية، لا يعلم ما يقال له من باب أولى، والعلم بالخطاب شرط من شروط التكليف، فالمقصود من الآية أنهم إن صلوا حال سكرهم لم تصح صلاتهم، ولم تجزئ، وطلب منهم الإعادة إذا أفاقوا من سكرهم، وإذا لم تصح الصلاة لم يصح الأذان.

والآية نزلت حين كان السكر مباحًا، فقد يكون فيها إشارة إلى نهيهم عن السكر قرب أوقات الصلوات باللازم؛ لأنهم مكلفون بالصلاة، وإذا سكروا في


(١) انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٦٧).
(٢) الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (١/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>