سقوط الرداء، فتنكشف عورته، ومجرد الخوف من الشيء ليس في حكم الوقوع فيه، لهذا ذهب الشافعية والحنابلة في المشهور إلى كراهة اشتمال الصماء.
وأما قول كثير من الأصوليين: إن الأصل في النهي التحريم فهذا هو الراجح، إلا أنهم يتساهلون في الصارف، كقولهم الأصل في الأمر الوجوب، ويصرفونه عنه إلى الاستحباب لأدنى صارف، والله أعلم.
فيكون الصارف هو انتفاء العلة من النهي عن اشتمال الصماء؛ لأن قوله في الحديث:(فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب) فالشق إذا كان باديًا فإن كان بحيث ترى منه العورة كان حرامًا، وإلا كان مكروهًا، والله أعلم.
الدليل الثاني:
أن العلة المستنبطة في النهي عن اشتمال الصماء تدل على تحريم الفعل، كالتشبه باليهود، أو انكشاف العورة، فكل من التشبه وكشف العورة محرم.
• ويناقش:
ناقشت في فصل سابق أن الأحاديث المرفوعة التي تصف اشتمال الصماء بأنه اشتمال اليهود لا تصح، كحديث ابن عمر، ورواية محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأما القول بأن العلة انكشاف العورة فهذا مُسَلَّم، إلا أن الانكشاف إذا كان محققًا كان حرامًا، وإن كان مظنونًا كان مكروهًا، والظاهر أن انكشاف العورة في اشتمال الصماء مظنون، وليس محققًا، والله أعلم.
• دليل من قال بكراهة اشتمال الصماء:
النهي عن اشتمال الصماء معلل عند الفقهاء على اختلافهم في العلة، وهي إما لكونها مظنة انكشاف العورة، أو لانكشاف أحد المنكبين، أو من أجل الاضطباع في الصلاة، وهو مختص بالطواف، أو لكون هذه الصفة من لبسة أهل التكبر، أو لكون اشتمال الصماء تقيد اليدين بحيث لا يستطيع دفع الضرر الطارئ عن نفسه، وكل هذه العلل لا تقتضي التحريم، لهذا قالوا: إن النهي يفيد الكراهة، فإن تحقق من أن اشتمال الصماء أفضى إلى كشف العورة بالفعل، وليس مظنةً لذلك حرم في