بمثل هذا لكان مفرطًا؟ أو نقول: إن الأصل براءة الذمة حتى يأْتِيَ الخطاب المكلِّفُ من الشارع، كما قال سبحانه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥]،
وأما قولكم: إنه يجوز أن يكون الرسول ﷺ قد خص بالتكليف في الطهارة من الثياب وفي الصلاة، فإن كان الأمر من باب التجويز العقلي فهذا جائز، والأصل عدمه، وإن كان من باب الدعوى فأين الدليل على أن الرسول ﷺ قد كُلِّفَ بالصلاة دون سائر أمته في أول الإسلام؟ والله أعلم.
الدليل الثاني على أن الطهارة شرط لصحة الصلاة:
(ح-٧٥٤) ما رواه البخاري، من طريق هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر،
عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: سألتْ امرأةٌ رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال رسول الله ﷺ: إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة، فلتقرصْه، ثم لتنضحْه بماء، ثم لتصلِّ فيه (١).
وجه الاستدلال:
فأمر ﷺ بغسل الثوب من دم الحيض قبل الصلاة فيه، فدل على امتناع الصلاة في الثوب المتنجس بدم الحيض، وسائر النجاسات قياسًا عليه.
الدليل الثالث:
(ح-٧٥٥) روى أحمد، قال: ثنا حجاج وشعيب بن حرب قالا: ثنا ليث، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن خديج،
عن معاوية بن أبي سفيان، أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي ﷺ هل كان رسول الله ﷺ