والمقصود بقوله ﷺ:(تصف عظامها) أي تشف لونها؛ لأن ما يصف حجم العورة لا يذهب بزيادة اللباس، بل قد يزيده؛ لأن وصفه للعورة جاء من ضيقه، فزيادة الثياب تزيده ضيقًا، وإنما الذي يستتر بزيادة اللباس هو ما يشف اللون، والله أعلم، ويشكل على هذا التفسير قول عمر: إن لم يَشِفَّ فإنه يصف.
الدليل الثالث:
أن الستر معقول المعنى: وهو أن يحول بين الناظر وبين عورة المصلي، فإذا كان يرى من تحت السترة لون البشرة كانت العورة مكشوفة للنظر، فلم يوجد الشرط وهو الستر.
• دليل من قال: تصح مع الصلاة مطلقًا:
هذا القول مبني على أن ستر العورة ليس من شروط الصلاة، وقد ذكرت أدلتهم في حكم ستر العورة، وقد استدلوا بدليلين:
أحدهما: حديث عمرو بن أبي سلمة، وفيه (غطوا عنا است قارئكم).
والثاني: حديث كان رجال يصلون مع النبي ﷺ عاقدي أزرهم على قفاهم، فيقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يرفع الرجال … وقد بينت وجه الاستدلال بهما هناك فارجع إليه إن شئت.
• دليل من قال: إن كان يشف بلا تأمل فهو كالعدم، وإن كان بتأمل صحت صلاته:
هذا القول قيل توفيقًا بين قولين في مذهب المالكية منهم من قال: إن كان يشف كان كالعدم، وإن كان يصف صحت الصلاة مع الكراهة.
وقول آخر يقول: تصح الصلاة مطلقًا وإن كان يشف.
فاختار المتأخرون من المالكية إلى التوفيق بين القولين، فقالوا: من قال: لا تصح قصد به إن كان يشف بلا تأمل، ومن قال: تصح، قصد به إن كان لا يشف إلا بتأمل وإمعان نظر، فولد هذا القول في مذهب المالكية.
وأدلتهم أن ما يشف بلا تأمل وجوده كعدمه؛ لأن الستر يراد للتغطية، وهذا لا يبدو منه لون البشرة من أول نظرة.
وإن كان لا يشف إلا بتأمل وإمعان نظر فكان مطلق التغطية موجودًا، فيلحق