للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: تصح الصلاة مع الكراهة، ويعيدها في الوقت، وهو قول في مذهب المالكية (١).

وكرهه الشافعية للمرأة، وجعلوه في حق الرجل خلافَ الأولى (٢).

قال ابن شاس في صفة الساتر: «وليكن صفيقًا كثيفًا، ولا يكون شفًّا، ولا بحيث يصف، فإن كان شفًّا، فهو كالعدم مع الانفراد، وإن كان بحيث يصف وليس يَشِفُّ فهو مكروه، ولا يؤدي إلى بطلان الصلاة» (٣).

ولم أقف على أحد يقول ببطلان صلاته إلا وجهًا حكاه العمراني في البيان، عن الشافعية وغلطه النووي (٤).

• تعليل الفقهاء بصحة صلاته ولو أبان حجم العورة:

وعللوا ذلك بأكثر من تعليل منها: أنه لا يمكن التحرز منه.

ومنها: أن الستر في اللغة هو التغطية، وهذا قد غطى عورته.

[م-٢٥٢] وإن لبس ما يشف لون البشرة من حمرة أو بياض:

فقيل: لا تصح الصلاة به مطلقًا، وبه قال جمهور أهل العلم، ورجحه ابن الحاجب من المالكية تبعًا لابن بشير (٥).


(١) قال ابن جزي في القوانين الفقهية (ص: ٤٠): «وأما الساتر فيجب أن يكون صفيقًا كثيفًا، فإن ظهر ما تحته فهو كالعدم وإن وصف فهو مكروه … ». وانظر: حاشية الدسوقي (١/ ٢١١)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٢٨٤)، الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص: ٤٠)، عقد الجواهر الثمينة (١/ ١١٦).
(٢) جاء في أسنى المطالب (١/ ١٧٦): «ولا يضر بعد سترها اللون أن تحكي الحجم لكنه للمرأة مكروه، وللرجل خلاف الأولى، قاله الماوردي وغيره».
(٣) عقد الجواهر الثمينة (١/ ١١٦).
(٤) قال العمراني في البيان نقلًا عن الفروع (٢/ ١٢٠): «وإن وصف الثوب خلقته على التفصيل لم يَجُزْ، وإن وصفها على الجملة جاز».
قال النووي في المجموع (٣/ ١٧٠): «فلو ستر اللون، ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة؛ لوجود الستر، وحكى الدارمي وصاحب البيان وجهًا أنه لا يصح إذا وصف الحجم، وهو غلط ظاهر».
(٥) حاشية ابن عابدين (١/ ٤١٠)، المبسوط (١/ ٣٤)، تحفة الفقهاء (١/ ١٤٦)، بدائع الصنائع
(١/ ٢١٩)، تبيين الحقائق (١/ ٩٥)، البحر الرائق (١/ ١٨٣)، مواهب الجليل (١/ ٤٩٧)، جامع الأمهات (ص: ٨٩)، الذخيرة للقرافي (٢/ ١٠٨)، حاشية الدسوقي (١/ ٢١١)، شرح الخرشي (١/ ٢٤٤).
وقد حكم بعض المالكية بأن رواية ابن بشير ومن تابعه كابن الحاجب بأن ما شف فهو كالعدم، وما يصف فمكروه بأنه وهم؛ لأن ابن رشد عزا لابن القاسم التسوية بينهما في الإعادة في الوقت، ومثله للباجي عن مالك، ونقله في توضيحه عن النوادر، ولذا قال ابن عرفة: قول ابن بشير وتابعيه: ما يشف كالعدم، وما يصف لرقته يكره وهم؛ لمخالفته لرواية الباجي التسوية بينهما أي في الإعادة في الوقت.
وبعض المالكية حاول الجمع بين رواية ابن بشير وابن الحاجب ومن تابعهما، وبين رواية ابن القاسم والباجي واختيار ابن عرفة: بأن يحمل قول من قال: الشَّافِّ كالعدم على الشَّافِّ الذي تبدو منه العورة دون تأمل وإمعان النظر.
ويحمل قول من قال: إن الشَّافَّ تصح معه الصلاة على الشَّافُّ الذي لا تبدو منه العورة إلا بتأمل. وهذا هو الذي عليه المتأخرون من المالكية، وسوف يأتينا في القول الثالث إن شاء الله تعالى: انظر: الخرشي (١/ ٢٤٤)، الفواكه الدواني (١/ ٢١٥)، شرح زروق على الرسالة (١/ ١٣٠)، شرح الزرقاني على مختصر خليل (١/ ٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>