للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رواه مطرف وابن الماجشون عن مالك، وهو قول ضعيف في مذهب الحنابلة (١).

وسبب الخلاف اختلافهم في الترتيب، أهو شرط، أم واجب، أم سنة؟

فمن قال: إنه شرط لم يسقطه مطلقًا سواء أترك الترتيب بعذر أم بغير عذر.

ومن قال: إنه مسنون أسقطه مطلقًا، ولو تعمد تركه.

ومن قال: إنه واجب أسقطه بالنسيان، ولم يسقطه بتعمد تركه، وسبق ذكر أدلتهم في حكم الترتيب، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا.

وذهب المالكية إلى القول بأن ترك الواجبات لا يبطل العبادة ولو تعمد ذلك فضلًا أن تبطل بالنسيان فرقًا بينها وبين ترك الشروط والتي تبطل العبادة بتركها مطلقًا (٢).

والمذاهب الفقهية عدا المالكية لا يطردون في حكم نسيان الواجب:

فتارةً يذهبون إلى إبطال العبادة إذا نسي واجبًا من واجباتها.

وتارةً يُسقطون الواجب بالنسيان، ويصححون العبادة.

وتارةً يفرقون بين نسيان المأمورات، وبين نسيان المنهيات، فالمنهيات تسقط بالنسيان، بخلاف المأمورات.

والملاحظ أن الفقهاء إذا قالوا عن شيء من المأمورات بأنه يجب بالتذكر، ويسقط بالنسيان، كان هذا دليلًا على ضعف مأخذ الوجوب عندهم، ولذلك لما كان الترتيب واجبًا بين الصلاتين المجموعتين لم يسقط الترتيب بينهما بالنسيان.

قال أبو حفص الحنبلي في كتابه اللباب في علوم الكتاب: «لو كان الترتيب واجبًا في الفوائت لما سقط بالنسيان، ألا ترى أنه إذا صلى الظهر والعصر بعرفة في يوم غيْمٍ، ثم تبين أنه صلى الظهر قبل الزوال والعصر بعد الزوال فإنه يعيدهما


(١) عقد الجواهر الثمينة (١/ ١٠٧)، النوادر والزيادات (١/ ٣٣٨)، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٥٨)، الإنصاف (١/ ٤٤٥).
(٢) المقصود بالواجب ما يجب للصلاة، وأما ما يجب فيها، فهذا القسم لا يقول به المالكية، فالمالكية يقسمون الصلاة إلى فروض (أركان) وسنن، وفضائل.
قال القاضي عبد الوهاب البغدادي في التلقين (١/ ٤١): «الصلاة مشتملة على فروض وسنن وفضائل».
وقال أبو الوليد ابن رشد في مسائله (١/ ٤٨٧): «وتحقيق القول في هذا: أن الصلاة تشتمل على أفعال وأقوال، منها فروض، ومنها سنن ومنها فضائل».

<<  <  ج: ص:  >  >>