للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأمر مكروهًا لشدد عليهم في هذا.

(ث-١٥٠) وروى البخاري من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، قال:

قال أبو هريرة : يقول الناس: أكثر أبو هريرة، فلقيت رجلًا فقلت: بِمَ قرأ رسول الله البارحة في العتمة؟ فقال: لا أدري. فقلت: ألم تشهدها؟ قال: بلى، قلت: لكن أنا أدري، قرأ سورة كذا وكذا (١).

رضي الله عن أبي هريرة صاحب رسول الله، كان يقال له ذلك، ورسول الله شاهد، والوحي ينزل، ولو كان كما قيل لنزل الوحي حفظًا للديانة، وصيانة للشريعة، نعم لقد أكثر أبو هريرة، وما له لا يفعل؟ فصاحب الهمة العالية في حفظ السنة، والذي نذر نفسه لهذه الرسالة جدير به أن يوفق لما أراد، وأن يبلغ هذه المنزلة العظيمة.

• ويجاب على هذا بجوابين:

الجواب الأول:

أن هذه الأدلة هي القرينة التي حملت النهي من التحريم إلى الكراهة، ولولاها لكان الأصل في النهي التحريم، فاستعمال إطلاق العتمة على العشاء لبيان الجواز، والنهي للكراهة، لأن القاعدة تقول: إذا نهى الشارع عن شيء كان النهي للتحريم، فإن ورد ما يدل على جواز مخالفته كان ذلك دليلًا على أن النهي ليس للتحريم، وإنما هو للكراهة.

الجواب الثاني: استعمال العتمة على البراءة الأصلية، وحديث النهي ناقل عن البراءة الأصلية، والناقل مقدم.

وادَّعَى بعضهم احتمال أن يكون الجواز منسوخًا بحديث النهي، ولا يصح القول بالنسخ حتى يعلم التاريخ.

قال المنذري: «يجوز أن يكون منسوخًا، وناسخه (لا تغلبنكم الأعراب)، ويحتمل عكسه، فإن التاريخ في التقدم لأحدهما متعذر» (٢).


(١) صحيح البخاري (١٢٢٣).
(٢) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٦/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>