للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهم يعتمون بالإبل (١).

•وجه الدلالة على الكراهية من الحديثين:

قال ابن دقيق العيد: «وهذا الحديث يدل على هذا المقصود من وجوه:

أحدها: صيغة النهي.

والثاني: ما في قوله (تغلبنكم) فإن فيه تنفيرًا عن هذه التمسية؛ فإن النفوس تأنف من الغلبة.

والثالث: إضافة الصلاة إليهم، في قوله (على اسم صلاتكم) فإن فيه زيادة، ألا ترى أنا لو قلنا: لا تغلبن على مالك: كان أشد تنفيرًا من قولنا: لا تغلبن على مال، أو على المال؟ لدلالة الإضافة على الاختصاص به» (٢).

ويضاف إلى ما ذكره ابن دقيق العيد: أن توكيد النهي بإلحاق نون التوكيد يدل على أن الكراهة على بابها، وليست من قبيل خلاف الأولى.

كما يضاف إليه بأن اختصاص الأعراب بهذه التسمية، فيه إيماء بالتنفير منها؛ لارتباط الأعراب غالبًا بالجهل والجفاء.

الدليل الثاني:

كره إطلاق اسم العشاء عليها؛ لئلا يقع الالتباس بالصلاة الأخرى، ولهذا لم يكره بعض العلماء أن تسمى العشاء بقيد، كأن يقول العشاء الأولى ويؤيده قولهم العشاء الآخرة كما ثبت في الصحيح (٣).

الدليل الثالث:

أن العادة أن العظماء إذا سموا شيئًا باسم، فلا يليق العدول عنه لما فيه من تنقيصهم والرغبة عن صنيعهم، والله تعالى أعظم العظماء قد سماها العشاء في قوله تعالى ﴿وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ﴾ [يوسف: ١٦]، وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ﴾ [النور: ٥٨] (٤).


(١) صحيح مسلم (٦٤٤).
(٢) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (١/ ١٧٥).
(٣) فتح الباري (٢/ ٤٣).
(٤) الذخيرة للقرافي (٢/ ١٧)، وانظر: حاشية السيوطي على سنن النسائي (١/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>