للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال بعضهم: العلة في تأخير الأولى تيقن دخول الوقت، ولأنها لا تجمع مع الصلاة التي قبلها، فاستحب تأخيرها، والعلة في استحباب تعجيل الثانية؛ لأنها لما كانت تجمع مع التي قبلها للعذر ساغ تعجيلها للعذر أيضًا، والاشتباه في الوقت عذر (١).

وقيل: التأخير أفضل في كل الأوقات والأحوال، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة (٢).

والعلة في التأخير على هذا القول هو الاحتياط للوقت، وهذا تستوي به الصلوات كلها في استحباب التأخير (٣).

وقيل: لا يستحب التأخير بسبب الغيم إذا تيقن دخول الوقت إلا في حال يستحب التأخير مع الصحو، وهو مذهب الشافعية (٤).

وهذا القول هو أرجحها، فالغيم إن كان سببًا في الشك في دخول الوقت لم يُصَلِّ حتى يغلب على ظنه دخول الوقت، أو يخشى من التأخير خروج الوقت، وهذا ليس خاصًّا في المغرب والعشاء، بل في كل الصلوات.

وإن تيقن دخول الوقت فلا أثر للغيم، فالمغرب لا يستحب تأخيرها إذا تيقن دخول الوقت؛ لأن السنة فيها المبادرة، والعشاء يستحب تأخيرها، ولو تيقن دخول وقتها؛ لأن السنة فيها التأخير إلى ثلث الليل ما لم يَشُقَّ على الناس.

واليوم هذه المسألة لا تكاد تتنزل على حياة الناس، لوجود الساعات معهم، والتي تضبط لهم الوقت في الصحو والغيم، فلا يكون للغيم تأثير في إدراك الوقت، والله أعلم.


(١) انظر: فتح الباري لابن رجب (٤/ ٣١٦)، النوادر والزيادات (١/ ١٥٧).
(٢) بدائع الصنائع (١/ ١٢٦)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٦٩).
(٣) انظر: البحر الرائق (١/ ٢٦١)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٦٩).
(٤) نهاية المحتاج (١/ ٣٧٦)، تحفة المحتاج (١/ ٤٣١)، حاشية الجمل (١/ ٢٧٧)، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (١/ ٣٧)، حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء (٢/ ٢١)، المقدمة الحضرمية (ص: ٥٦)، أسنى المطالب (١/ ١٢٠)، وقال ابن رجب في فتح الباري (٤/ ٣١٥): «ولا يستحب عند الشافعي التأخير في الغيم مع تحقق دخول الوقت إلا في حال يستحب التأخير في الصحو … ».

<<  <  ج: ص:  >  >>