للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال أبو حنيفة والمزني والأوزاعي: هو البياض، وهو رواية عن أحمد، لكن قال ابن رجب: ولا يكاد يثبت عنه (١).

وقال أحمد في رواية: الشفق في الحضر البياض، وفي السفر الحمرة.

وحمل القاضي ومن بعده هذا على مجرد الاحتياط والاستحباب دون الوجوب (٢).

وقال بعضهم: الشفق اسم للحمرة والبياض معًا، إلا أنه إنما يطلق في أحمر ليس بِقَانٍ، وأبيض ليس بناصع، وإنما يعلم المراد منه بالأدلة، لا بنفس اللفظ، كالقرء الذي يقع على الحيض والطهر معًا (٣).

واختلفوا متى يغيب البياض:

قال ابن سيد الناس: «قد علم كل من له علم بالمطالع والمغارب أن البياض لا يغيب إلا عند ثلث الليل» (٤).


(١) البحر الرائق (١/ ٢٥٨)، المبسوط (١/ ١٤٤)، تبيين الحقائق (١/ ٢١٨)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ٣٩)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (٢/ ١٥)، الحاوي الكبير (٢/ ٢٣)، المهذب (١/ ١٠٢)، الإنصاف (١/ ٤٣٤)، الفروع (١/ ٣٠١)، فتح الباري لابن رجب (٤/ ٣٨٧).
(٢) مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٢/ ٤٤١)، مسائل أحمد رواية أبي داود (ص: ٤٢)، مسائل أحمد رواية أبي الفضل (٥٢، ٨٧٠)، فتح الباري لابن رجب (٤/ ٣٨٦)، الإنصاف (١/ ٤٣٤).
وأرى أن هذا التفريق من أحمد لا يرجع لدخول الوقت، فإن دخول الوقت واحد لا يختلف فيه بين الحضر والسفر، وإنما يرجع لأمر آخر،
وهذا الأمر أراه كما صرح به أحمد يرجع إلى استحباب تأخير العشاء في الحضر، بخلاف السفر، فإن المسافر يجمع بين الصلاتين جَدَّ به السير أو لم يَجِدَّ، فإذا جمع بينهما فلا يبالي متى صلاها.
فقد نقل عبد الله كما في مسائله عن أبيه (١٨٣): سمعت أبي يقول: يعجبني في الحضر أن تؤخر العشاء الآخرة حتى يذهب البياض؛ لأن النبي كان يعجبه تأخير العشاء الآخرة حتى يغيب الشفق. وانظر: فتح الباري لابن رجب (٤/ ٣٨٧).
وقال بعض الحنابلة: إن اعتبار غيبة البياض للدلالة على غيبوبة الأحمر، لا لنفسه، وذلك أن الحمرة قد تنزل فتواريها الجدران، فيظن أنها غابت. انظر: شرح الزركشي على الخرقي (١/ ٤٧٧).
(٣) معالم السنن للخطابي (١/ ١٢٥).
(٤) المبسوط للسرخسي (١/ ١٤٥)، أضواء البيان (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>