للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

وأطمئن إلى نصحه؛ كراهة الندم إذا استبد المرء برأيه، ولم يستشر إخوانه.

فكتب لي كتابًا كان نقده تعريضًا لا تصريحًا، وكان مشفقًا علي من شرط الكتاب، وخائفًا علي من الانقطاع وأن يكون حالي كالمنبت لا ظهرًا أبقى، ولا أرضًا قطع، وأختار لك من خطابه.

(بسم الله الرحمن الرحيم. عافاك الله أيها الفحل الهمام. وسلام الله عليك ورحمته وبركاته، من المولع بحبك، العائش على أمل المؤانسة والمجالسة وما وراءهما …

ما سطرته براعتك هو عين التحقيق، وغاية التدقيق، سلمت براجمك، وحفظ الله لك سائر قواك … والحمد لله الذي جعل بيننا من تلين له صعاب المسائل، ويعبد له فيها عسيرات المسالك … أيها الشيخ الحبيب النابغة لو أكملت شرح الزاد على هذا المنول [كان الشيخ يعتقد أن النموذج شرح لزاد المستقنع] لكان فتحًا علميًا لا يكاد يوجد له نظير، ولدار حوله الطلبة والباحثون وأطافوا به إطافة العطاش بالماء المنير، على أنه سيكون كثير الأجزاء، واسع الأرجاء، وهذا يمكن تذليله وتطويعه على كل حال، ثم إن عيب مثل هذه الأعمال الموسوعية هو طول النفس في أولها، ثم ينقطع أو يتخفف من التزاماته العلمية بعد ذلك، ولا يخفى عليك الأمثلة … إلخ خطابه).

وأريد أن أقول للشيخ: إن آخر هذا المشروع أوسع من أوله، فكان مشروع المعاملات المالية ٢١٣٣ مسألة في عشرين مجلدًا، بينما مشروع الصلاة نصف هذه المسائل في ثمانية عشر مجلدًا.

والهدف من عرض هذه النصائح لعلها تنفع شابًا ذا همة عالية، طوقه التردد، وحبسه خوف النقد، واحتقار النفس، فمنعه من اقتحام الكتابة مع شوقه الشديد، واستعداده لبذل كل ما يستطيع بذله من مال وصحة وراحة في سبيل الوصول إلى غايته. وربما جاءني شاب يحمل وريقات من نموذج بحثه، فأفصل في حسناته، وأجمل في عثراته خشية أن يصده نقدي عن مأربه، وطمعًا أن يكون وراء هذه الوريقات عبقرية فذه حبسها عن الظهور ضعف البدايات فما إن يلج العلم من بابه، ويتبين له معالمه، ويهتدي إلى مصطلحاته، ويكتسب ملكة لغته، حتى يبز أقرانه،

<<  <  ج: ص:  >  >>