للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهم يتفقون على أن المجتهد إذا اجتهد، وتوصل إلى غلبة ظن في حكم المسألة فإنه يجب عليه اتباع اجتهاده، ولا يحق له أن يترك اجتهاده تقليدًا لغيره (١).

واختلفوا في العالم إذا لم يجتهد، هل يسوغ له التقليد، أو يجب عليه الاجتهاد؟

فذهب جمهور الفقهاء إلى أن الثقة إذا أخبر بدخول وقت الصلاة عن اجتهاد، ولم يكن مؤذنًا (٢)، لم يجز للبصير القادر على الاجتهاد تقليده (٣).

واختلفوا في جواز التقليد من الأعمى؛ لاختلافهم في تأتي الاجتهاد منه، وسبق بحث الأعمى في مسألة مستقلة.

واختار الرملي من الشافعية جواز التقليد من المجتهد المبصر لغيره، واستثنى هذه المسألة من مسائل منع تقليد المجتهد لمجتهد مثله للمشقة هنا (٤).

وقيل: إذا لم يجتهد في المسألة جاز له التقليد مطلقًا، وهو قول أحمد وإسحاق والثوري (٥).

وقيل: يجوز التقليد من العالم لمن هو أعلم منه، وبه قال محمد بن الحسن (٦).


(١) بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (٣/ ٣٣٠)، مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٢٩)، الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع (٣/ ٩٥).
(٢) لأن المؤذن سبق البحث أن قوله مقبول مطلقًا عند جمهور العلماء، سواء أأخبر عن علم، أم أخبر عن اجتهاد، وقيل: لا يقبل مطلقًا، وقيل: في التفريق بين الصحو والغيم، وهذا يعني التفريق بين إخباره عن علم، وإخباره عن اجتهاد ..
(٣) الشرح الكبير للدردير (١/ ٢٢٦)، الشامل في فقه الإمام مالك (١/ ١٠٠)، شرح الخرشي (١/ ٢٥٨)، الشرح الصغير للدردير (١/ ٢٩٥)، التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (١/ ٣٠٨)، فتح العزيز (٣/ ٥٩)، روضة الطالبين (١/ ١٨٥)، شرح مختصر الروضة للطوفي (٣/ ٦٢٩).
(٤) حاشيتا قليوبي وعميرة (١/ ١٣٤)، حاشية الجمل (١/ ٢٨٠).
(٥) حكاه في التحصيل من المحصول (٢/ ٣٠٥، ٣٠٦)، والغزالي في المستصفى (ص: ٣٦٩).
وقال الطوفي في مختصر الروضة (٣/ ٦٣١): «ما حكاه عن أحمد من جواز تقليد العالم للعالم مطلقًا غير معروف عندنا، وإنما المشهور عنه الأخذ بقول الصحابي، لا تقليدًا له، بل بنوع استدلال».
(٦) المستصفى (ص: ٣٦٩)، التحصيل من المحصول (٢/ ٣٠٥، ٣٠٦)، نفائس الأصول
في شرح المحصول (٩/ ٣٩٣٦)، الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع (٣/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>