للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأعمى فرضه التقليد؟

قد سبق لي عرض كلام الفقهاء في الاعتماد على أذان الأعمى، وهو أبلغ من اجتهاده لنفسه في دخول الوقت، فمن أجاز أذانه مطلقًا، اعتبر أهليته للاجتهاد.

ومن اشترط لصحة أذانه أن يكون تبعًا لغيره من المؤذنين، أو يكون معتمدًا على خبر ثقة يرى أن أهليته في معرفة الوقت مفقودة، وإن صحح أذانه.

• وقد خَلُص لنا في أذان الأعمى ثلاثة أقوال:

أحدها: الجواز مطلقًا، وهذا مذهب الحنفية والحنابلة، وظاهر المدونة. قال الحنابلة: والمبصر أولى منه (١).

الثاني: أن فرضه التقليد، ولا يُعْتَمَدْ على اجتهاده في دخول الوقت، وهذا مذهب المالكية.

جاء في الشرح الكبير للدردير: «وجاز أعمى أي أذانه إن كان تبعًا لغيره فيه، أو قلد في دخول الوقت ثقة» (٢).

وهذه العبارة تشعر بالاشتراط، وهذان قولان متقابلان.

الثالث: الكراهة إن كان يؤذن وحده، فإن كان معه بصير يعرف الوقت لم يكره، وهذا مذهب الشافعية، وممن قال بكراهة أذان الأعمى ابن مسعود والزبير (٣).


(١) الفتاوى الهندية (١/ ٥٤)، ملتقى الأبحر (ص: ١١٩)، البحر الرائق (١/ ٢٧٩)، حاشية ابن عابدين (١/ ٣٩١)، الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٧٠)، المبسوط (١/ ١٣٧).
وجاء في المدونة (١/ ١٥٨) «كان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذنًا أو إمامًا»، وانظر: التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٢٢٨).
وجاء في الإنصاف (١/ ٤٠٩): «وأما الأعمى: فصرح بأذانه الأصحاب، وأنه لا يكره إذا علم بالوقت، ونص عليه». وانظر: المبدع (١/ ٣١٥)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٣٣)، كشاف القناع (١/ ٢٣٦).
(٢) الشرح الكبير للدردير (١/ ١٩٧ - ١٩٨)، وانظر: الذخيرة للقرافي (٢/ ٦٥)، مواهب الجليل (١/ ٤٥١)، منح الجليل (١/ ٢٠٣)، الخرشي (١/ ٢٣٤).
(٣) الأم (١/ ٨٤)، شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ٨٣) و (٧/ ٢٠٢)، طرح التثريب (٢/ ٢١١)، الحاوي الكبير (٢/ ٥٦)، نهاية المحتاج (١/ ٤١٤)، التوضيح شرح الجامع
الصحيح لابن الملقن (٦/ ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>