في المسجد؛ لأن الجماعة واجبة عندهم، وفعلها في المسجد سنة في أصح الروايتين، لقوله ﷺ:(أيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ) متفق عليه، وقوله:(رجل) نكرة في سياق الشرط فتعم كل رجل، فذًّا كان أو جماعة، ولم يقيد ذلك على عدم إمكان فعلها في مسجد.
وقال ﷺ:(حيثما أدركتك الصلاة فصلِّ) متفق عليه، اسم شرط عام في المكان، فكل رجل أدركته الصلاة في أي مكان، ولو لم يكن مسجد، فله أن يصلي إلا ما استثني بدليل، كالمقبرة، والحمام، وأعطان الإبل.
ولأن قوله:(فصلِّ) أمر، وأقل ما يفيده الأمر الإباحة، ومن قال: لا تصل إلا في المسجد ففيه مخالفة صريحة لهذه الأحاديث المتفق على صحتها.
وقد قال ﷺ: جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، متفق عليه، فكل أرض جاز التيمم عليها جازت الصلاة فيها، ولم يخص موضعًا من غيره.
فإذا كان المريض يستطيع الصلاة جماعة في البيت قائمًا وإذا ذهب إلى المسجد صلى جالسًا فإنه يصلي في البيت، لأنه لا يمكن أن تقدم فضيلة المكان على ركن من أركان الصلاة، وقد بحثت في المجلد الخامس عشر حكم صلاة الجماعة، وحكم وجوبها في المسجد، فارجع إليهما إن شئت.
وعلى التنزل أن الصلاة جماعة واجبة في المسجد، فيقدم تحصيل القيام على تحصيل الجماعة؛ لأن القيام فرض فيها، فلو تركه مع القدرة عليه بطلت صلاته، والجماعة واجبة للصلاة، وليست واجبًا فيها، فلو تركه مع القدرة عليه لم تبطل صلاته، وما وجب فيها مقدم على ما وجب لها، والفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها.
الدليل الثاني:
(ح-٣٥٣٩) ما رواه الشيخان من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس ابن أبي حازم،
عن أبي مسعود الأنصاري، قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، إني والله لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان، مما يطيل بنا فيها، قال: