وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ومحمد بن سعيد الأصبهاني ثقة، وهو معروف بالرواية عن حفص بن غياث روى عنه أربعة عشر حديثًا مقارنة بأبي داود الحفري، والذي ليس له رواية إلا هذا الحديث. فالنسائي جعل الخطأ من أبي داود الحفري؛ لأن أصحاب حفص بن غياث المكثرين عنه لا يعرفون هذا الحديث، كابن أبي شيبة، وابنه عمر بن حفص بن غياث، وهذان من أكثر من روى عن حفص بن غياث، وكذلك محمد بن العلاء، ومحمد بن نمير وغيرهم. يضاف إلى ذلك كون النسائي وابن نصر المروزي لا يعرفون هذه المتابعة. وعلى تقدير أن رواية أبي سعيد الأصبهاني محفوظة، فذلك يعني أن الوهم كان من حفص بن غياث، حيث تفرد به عن كل من رواه عن حميد، بل وكل من رواه عن عبد الله بن شقيق كما كشف ذلك تخريج الحديث. وقد جعل ابن نصر المروزي الوهم من حفص بن غياث. جاء في قيام الليل لابن نصر المروزي (المختصر، ص: ٢٠١): أخطأ فيه حفص، رواه عنه أبو داود الحفري عن حميد، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة ﵂، رأيت النبي ﷺ يصلي متربعًا» قال: وحديث الصلاة جالسًا، رواه عن حميد، عن عبد الله بن شقيق غير واحد كما رواه الناس، عن عبد الله بن شقيق ﵀ ولا ذكر التربع فيه .... فيشبه أن يكون الحديث كان عند حفص، عن حميد على ما هو عند الناس، وكان عنده عن ليث، عن مجاهد، وعن حجاج، عن حماد، عن سعيد بن جبير في التربع في الصلاة، فذاكر أبا داود الحفري من حفظه فتوهم، أن ذكر التربع في حديث حميد، فاختصر الحديث وألحق فيه التربع توهمًا وغلطًا إن كان حفظ ذلك عنه أبو داود، وذلك أنه ليس بمعروف من حديث حفص، لا نعلم أحدًا رواه عنه غير أبي داود ﵀، ولو كان من صحيح حديث حفص لرواه الناس عنه وعرفوه؛ إذ هو حديث لم يروه غيره، والذي يعرف من حديث حفص في التربع، عن حجاج، عن حماد، عن مجاهد قال: علمنا سعيد بن جبير صلاة القاعد، فقال: يجعل قيامه تربعًا. وحفص عن ليث، عن مجاهد ﵀ قال: (صلاة القاعد غير المتربع على النصف من صلاة القائم) قال: وكان حفص رجلًا إذا حدث من حفظه ربما غلط، هو معروف بذلك عند أصحاب الحديث .... ». وقال ابن المنذر في الأوسط (٤/ ٣٧٦): حديث حفص بن غياث قد تكلم في إسناده، روى هذا الحديث جماعة عن عبد الله بن شقيق، ليس فيه ذكر التربع، ولا أحسب الحديث يثبت مرفوعًا، وإذا لم يثبت الحديث فليس في صفة جلوس المصلي قاعدًا سنة تتبع .... ».