للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عاد لوطنه مانع من القصر، ولو لم يدخل البلد، ولم يحدوا في القرب حدًّا، إلا أنه أقل من ميل، وعليه فالمرور بالبلد إن كان بدخوله منع ذلك من القصر كقول الجمهور، وإن قرب منه قربًا يمنع من القصر لو كان في غير المرور، فإن القصر لا يمنع منه في حال المرور ما لم يدخله، هذا مذهب المالكية (١).

وهذا التفريق بين الدخول والقرب شاهد على ضعف القول بأنه إذا رجع إلى وطنه لم يقصر إذا قرب منه، ولو لم يدخله.

وقيل: يقصر مطلقًا، وهو وجه في مذهب الشافعية، وقول في مذهب الحنابلة (٢).

جاء في مسائل أحمد رواية عبد الله: لو أن مسافرًا ورد على أهله أمسك عن الطعام وأتم الصلاة إلا أن يكون مارًّا» (٣).

وجاء في الإنصاف: «وعنه يقصر، إذا لم يكن له حاجة سوى المرور» (٤).


(١) جاء في موطأ مالك (١/ ١٤٨): «ولا يتم حتى يدخل أول بيوت القرية أو يقارب ذلك».
وذكر مثل ذلك في المدونة (١/ ٢٠٦)، تهذيب المدونة (١/ ٢٨٧)، وزاد: «ولم يحدّ في القرب حدَّا. وسئل عمن هو على الميل، فقال: يقصر».
وفي الرسالة لأبي زيد القيرواني، قال (ص: ٤٦): «لا يتم حتى يرجع إليها، أو يقاربها بأقل من الميل».
واستشكل لفظ أبي زيد القيرواني؛ لأن قوله: (حتى يرجع إليها) جعله في أقل من الميل مسافرًا وقوله: (أو يقاربها بأقل من ميل) جعله فيه مقيمًا، وهذا لا يصح. انظر: حاشية العدوي على كفاية الطالب (١/ ٣٦٥).
ولا يبدو عندي فيه إشكال؛ غايته أن يكون مفهوم الجملة الأولى غير مراد؛ لمعارضته منطوق الجملة الثانية، والمنطوق يقضي على المفهوم.
وقال بعضهم: قوله: (حتى يرجع إليها)، يعني: على قول. وقوله: (أو يقاربها)، يعني: على قول آخر.
ومنهم من قال: قوله: (حتى يرجع إليها) أي: حتى يدنو منها. ويكون قوله: (أو يقاربها) هو قوله: (حتى يرجع إليها)، وهذا التأويل يوافق ما في المدونة، والأول يخالفها؛ لأن ما في المدونة إلا قول واحد.
وقال مالك جوابًا على سؤال كما البيان والتحصيل (١/ ٣٤٠): « … يقصر الصلاة إلا إن كان قريبًا من القرية.
فقيل له: فما حد القرب؟ قال: ما نجد في ذلك حدًّا، وإنما يحد في مثل هذا أهل العراق».
(٢) التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٢/ ٣٠٤)، التعليقة للقاضي حسين (٢/ ١٠٩٣)، الإنصاف (٢/ ٣٣١).
(٣) مسائل الإمام أحمد رواية عبد الله (٦٩٠).
(٤) الإنصاف (٢/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>