لم يضف الرجوع إلى السير وجب أن يتم في الرجوع إذا كانت المسافة بينهما أقل من مسافة القصر، ولو جاز هذا لجاز القصر لمن خرج لسفر مبلغه بريدان، ونيته أن يعود من فوره؛ وإنما منع من القصر؛ لأجل أن الذهاب لا يضم إلى الإياب.
الوجه الثاني:
أن هذا الرجل لما نوى الرجوع انقطع سفره إلى جهته التي خرج إليها، فإذا شرع في الرجوع نظر، فإن كان وطنه يبعد عنه مسافة سفر كان سفرًا مستأنفًا، فكان له أن يقصر، وقياسًا على المسافر إذا سافر حتى بلغ غايته من سفره، فإنه يقصر في رجوعه إلى أن يدخل بلده، فكذلك هذا، يقصر في رجوعه حتى يدخل بلده.
وإن كانت المسافة بينه وبين وطنه لا تبيح القصر لم يقصر لا في مقامه، ولا في عودته؛ لأنه حين قطع سفره صار مقيمًا في موضعه، فامتنع القصر.
ويناقش:
كونه قطع سفره إلى جهته التي خرج إليها هذا واضح، أما كونه ينقطع سفره حال إقامته مع أنه قد قطع مسافة قصر، ولم ينو في موضعه إقامة مانعة من القصر فهذا غير مفهوم، فبقاؤه في موضعه له حكم السفر كرجوعه إلى وطنه.
وجه من قال: يقصر:
الوجه الأول:
أن الرجوع لحاجة نسيها ليس رجوعًا عن السفر، فلا يسقط حكمه.
الوجه الثاني:
المسافر إذا لم ينو إقامة فهو باق على حكم سفره ما لم يدخل البلد.
الوجه الثالث:
الذهاب لا يضم إلى الإياب في مسافة السفر، لا في الترخص.
الوجه الرابع:
إذا كان المسافر يقصر بشرطين: نية السفر، ومفارقة العمران، فالعائد لحاجة نسيها لم يقطع نية السفر، ولا يزال مفارقًا للعمران، فالشرطان متوفران في حقه،