وإن صلى المسافر أربعًا، فقال الجمهور: صلاتهم صحيحة؛ لأن القصر سنة. وقال الحنفية: صلاة الإمام المسافر جائزة، وصلاة المقيمين فاسدة. وجه القول بالفساد: قالوا: فرض المسافر الركعتان الأوليان، والركعتان الأخريان عندهم تطوع، ويصححون بناء النافلة على تحريمة الفريضة، بشرط أن يجلس عندهم مقدار التشهد، ولو لم يسلم، فإذا جلس مقدار التشهد فقد تمت صلاته، ويخرج من الصلاة بكل فعل منافٍ للصلاة، ولا يشترط السلام؛ لأن المقصود من السلام فعل ما ينافي الصلاة، وهو الكلام، فإذا قام الإمام المسافر إلى الثالثة عُدَّ خارجًا من الفرض بالنفل، وبنى نفله على تحريمة الفريضة، ولو قام إلى الثالثة ولم يجلس للتشهد لم تصح له نافله؛ لأنه لا يمكن أن يدخل في النافلة قبل إكمال الفريضة. ومن مذهب الحنفية أن المفترض لا تصح صلاته خلف المتنفل، ولهذا فسدت صلاة المأموم المقيم خلف المسافر إذا صلى أربعًا. ومذهب الجمهور أصح؛ لأن بناء النفل على تحريمة الفريضة لا يعرف في الشرع، فكل صلاة لها تحريم وتحليل، فتكبيرة الإحرام دخل بها الفريضة، فكيف تحريمة واحدة يبني عليها صلاتين: إحداهما فرض، والأخرى تطوع دون أن يتخللهما تحلل. وسوف تأتي الإحالات الكاشفة عن مذهب الفقهاء. انظر: الأوسط لابن المنذر (٤/ ٣٦٥)، الإشراف (٢/ ٢٠٨)، البحر المحيط الثجاج في شرح مسلم بن الحجاج (١٥/ ١١٠). (٢) المغني (٢/ ٢١١).