للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يبلغ في العلم مبلغه، ولا نَالَ في الحفظ درجته، فوقع في بعض ما اختصره بلفظه من كتاب والده خللٌ كَبيِرٌ ووهم شَنيِعٌ.

فلما رأى ذلك المِزّيُّ أرَادَ تهذيب كتاب المقدسي "الكمال … " وإصلاح ما وقع فيه من الوهم والإغفال، واستدراك ماحَصَل فيه من النقص والإخلال، فانكب في تأليف كتابه "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (١) واستغرق في تبيضه وإعادة النظر النهائي فيه ثمانية أعوام إلاّ شهرًا، فجاء الكتاب "تهذيب الكمال" في هذه العظمة التى نرى فيها اليوم، فكتاب المِزَيّ يزيد في الكَمِّ والكيف على كتاب المقدسي "الكمال" ثلاثة أضعاف، لأنّ كتاب "الكمال" اشتمل على رُوَاة الكُتُب السِّتَّة فقط، فاستدرك المِزِّيّ ما فات المقدسيّ من رُوَاة هذه الكُتُب أوّلًا، وهم كثيرون، ثم أضاف إلى كتابه الرُّواة الوَارِدين في بعض مؤلَّفات أخرى لأصحاب الكُتُب الستة، ورمز لكل هذه الكتب رُمُوزًا، فَزَاد المزّيّ على الكُتُب الستة تسعة عشر كتابًا آخر لأصحاب الكُتُب الستة، كما أنّه أضَافَ جُمْلةً من التراجم للتمييز، وهى تراجم تتفق مع تراجم الكتاب في الاسم والطبقة، ولكن أصحابها لم يكونوا من رجال أصحاب الكُتُب الّتي اختارها المِزّيُّ من مؤلَّفات أصحاب الكُتُب الستة، ومن أراد التفاصيل أكثر في الموضوع فليراجع مقدمة المحقق الفاضل لكتاب تهذيب الكمال، فانّه فَصَّل ودَقَّق فكَفَى وشَفَي جَزَاه اللّه خَيْرَ الجزاء.


(١) وقد ظنّ بعض الناس أنّ "تهذيب الكمال" للمزّي اختصار من "الكمال، للمقدسي، ولعلهم انخدعوا من ظاهر اللَّفظ "تهذيب الكمال" صع أنّ معنى التهذيب في الأغلب على التنقية والاصلاح، والواقع يشهد أنّ تهذيب الكمال ليس باختصار للكمال، بل يزيد عليه فيِ المحتوى كَيْفًا وكَمًا، يقول المحقق الفاضل لكتاب تهذيب الكمال - وهو الذى دَرَس الكتابين وسَبَرهما أنّ تهذيب الكمال ثلاثة أضعاف الكمال كما في مقدمة تهذيب الكمال ١/ ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>