الحَمْدُ للّه الوَاحِد القَهَّار، الحَلِيم السَّتَّار، مُكَوِّرِ اللَّيلِ على النَّهَار، تَذْكِرَةً لأولِي النُّهَى والاعْتِبَار، الَّذِي أيْقَظَ من خَلقِه مَن اصطَفَاه، فَزَهدهم في هَذِه الدَّار، وشَغَلَهم بتِلاوَة كِتَابِه مع تَدَبُّرِه، والصَّلاةِ وطَلَبِ العلم ومُلازَمَة الأذْكَار، بِاللّيل والنَّهَار، وأَشْهَدُ أن لا إله إلّا اللّه وَحْدَه لا شَرِيكَ له شَهَادَةً أعِدُّها جُنَّةً من مَثْوَى الفُجَّار، ومُوْصلِةً إلى جَنَّة الأبْرَار، وأشْهَدُ أنَّ سَيِّدنَا محمدًا صَفِيُّه من خَلِيقَتِه، وحَبِيبُه من جَميِع بَرِيَّتِه، ﷺ وشَرَّف وبَجَّلَ وعَظَّم، أَمَّا بَعْدُ: فَلَمّا كَانَ كِتاب "تَهْذِيب الكَمَال" لشَيْخ شُيُوخِنَا الحَافِظ الجِهْبِذ جَمَال الدِّين أبى الحَجّاج يُوسُف ابن الزَّكِيّ عبد الرحمن المِزِّيّ كتِابًا جَليِلًا مُسْتَوعبًا طَوِيلًا، لَيْسَ بِبَلْدتَنا الآن منه نُسْخَة، ولا يَقْدِر على تحصيلِه إلّا من بَذَل في ذلك جُهَدَه ووُسْعَه، وكتاب "الكَمَال" للحافظ عبد الغَنِيّ المَقْدِسيّ طَوِيلًا أيضًا، وفيه أغَالِيط، وقد أَهْمَل أشْخَاصًا، لهم رِوَايةٌ في بعض الكُتُب السِّتَّة، قَد نَبَّه عليها المِزِّي، وذَكَر ما أَهْمَل في تَهْذِيبِه، وزَادَ مُصَنّفَات للأئمة السِّتَّة، فَحَصَل من مَجْمُوع ما أَغْفَلَه عبد الغَنِيّ، والمُصَنّفات الَّتي زَادَها المِزّي للأئمة المُشَار إليهم زِيادَة على ألْفٍ وسَبْعمائة اسم، بَرَّد اللّه ثَرَاهما وجَعَل الجَنّة مَأوَاهُمَا، وكتاب "التَّذْهيب" اختصار "التَّهذيب" للحافظ أبي عَبْد اللّه الذَّهَبِيّ شَيْخ شُيُوخنِا كتِابًا جَليِلًا، غير أنّ فيه طُولًا أيضًا، وكتاب "الكَاشِف" مختصره له، ذكر فيه رواة الكُتُب السِّتَّة فقط وكثيرا لا يَذْكر فيه تَعْدِيلًا ولا تَجْرِيحًا، ولا وَفاةَ بعضٍ الشُّيُوخ، لا رمَزًا ولا تَصْرِيحًا، وكان شَيُخُنَا العِراقِيّ قد شَرَع في عمل كتاب يَحْتَوي على أسماء رُواة الكُتُب السّتة - وفِيه استِدْراكات عَلَى المِزّي