الحمد للّه حمدًا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والشكر له سبحانه على نعمه الظاهرة والباطنة، والصلاة والسلام على سيد البرية، وهادي البشرية، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد ..
فإن من أشرف العلوم ما تعلق بالسنة النبوية المطهرة بعد كتاب اللّه تعالى وما يتصل به من علوم القرآن الشريف.
والسنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي، وهي وحي من اللّه ﷿، كما قال تعالى عن صفة رسوله الكريم ﷺ وكلامه وأفعاله: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (١).
من هنا جاء الاهتمام بكتاب:"نهاية السول في رواة الستة الأصول" لسبط ابن العجمي (ت ٨٤١ هـ) وتحقيقه، فهو يصنف من كتب علوم الحديث وتراجم رجالاته، ولا شك أن فن التراجم، وسِيَرَ رواة الحديث من أفضل الفنون التي تحفظ الأنساب، ومن ثم تسهم في معرفة الحكم على صحة الأحاديث النبوية، اعتمادًا على الجرح والتعديل.
وترجع أهمية هذا الكتاب في أنه جاء جامعًا، متوسط الحجم، ليس مطولًا، ولا مختصرًا مخلًا، وقد ذكر مؤلفه في كتابه هذا كثير من مسائل مصطلح الحديث التي لها علاقة بالتراجم، كرواية المبتدع، ومسألة التدليس، والراوي المخضرم والمختلط، ورواية المجهول، وتعرض أيضًا لتعارض الجرح والتعديل في الراوي الواحد،