للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والقَوْل الرَّابِع: عَكْسُه أنّه لا يَجِب ذكِر سَبَب وَاحِدٍ منهما، إدا كان المُعَدِّل والجَارِح عَالِمًا بَصيِرًا، وهو اختيارُ القَاضِي أبى بكر، ونَقَلَه عن الجَمْهُور (١).

سُؤَال أوْرَدَه أبو عَمْرو بن الصَّلاح في عُلُومِه

في قَوْلهِم: إنّ الجَرْحَ لا يُقْبَل إلّا مُفَسَّرا، وكذلك تَضْعِيف الحديث فَقَال: ولقائل أن يَقُول: إنما يَعْتَمِد النّاس في جرح الرُّوَاة ورَدِّ حَدِيثهم في الكُتُب الَّتي صَنَّفَها أئمة الحديث في الجَرْح أو في الجَرْح والتَّعْدِيل، وقَلّ ما يَتَعَرّضُون [فيها] (٢) لبَيَان السَّبَب، بل يَقْتَصِرُون عَلَى مُجَرَّد قَوْلِهم: فُلانٌ ضَعيِف، وفُلان لَيْسَ بِشَيء، ونَحو ذَلك أو هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وهَذَا حَدِيثٌ غَيْرُ ثَابِتٍ ونحو ذلك، فاشتراطُ بَيَان السَّبَب يُفْضِي إلى تَعْطيِل ذَلك، وسَدِّ الجَرْح في الأغْلَب الأكْثَر، قَالَ:

وجَوَابُه: أنّ ذَلك وإن لم نَعْتَمِدْه في إثبات الجَرْحِ والحُكْم به، فَقَد اعتمدنَاه في أنْ تَوَقَّفْنَا عن قَبُول حَديث مَنْ قَالُوا فيه: مثل ذلك، بناءً على أنَّ ذَلك أَوْقَعَ عندنا [فيهم] (٣) رِيْبَةً قَوِيَّةً يُوْجبِ مِثْلُها التَّوَقَّفَ، ثم من انْزَاحَت عنه الرِّيْبَةُ مِنْهم يُبْحَث عن حَالِه أَوجَبَ الثِّقَة بِعَدَالَتِه قَبلنَا حَدِيثَه ولم نَتَوَقَّف، كالَّذِين احتَجّ بهم مَعًا صَاحِبَا الصَّحِيحَين وغَيُرهما مِمَّن مَسَّهم مِثلُ هَذَا الحَرْج من غيِرِهم، فَافهم ذَلك، فإنَّه مَخْلَصٌ حَسَن (٤) انتهى.


(١) كذا في الأصل، وفى المحصول ٢/ ١/ ٥٨٧: قَالَ القاضي أبو بكر: لا يجب ذكر السبب فيهما جميعًا، لأنّه إن لم يكن بصيرًا بهذا الشأن لم تصح تزكيته، وإن كان بَصيِرًا فلا معنى للسؤال. والحقُ: أن هذا يختلف بِاختلاف أحوال الزكي، فإن علمنا كونه عَالِمًا بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه، وإن علمنا عدالته في نفَسِه ولم نعرف اطلاعه على شرائط الجرح والتعديل استخبرناه عن أسباب الجرح والتعديل.
(٢) الزيادة من مقدمة ابن الصلاح ص: ٥١.
(٣) الزيادة من مقدمة ابن الصَّلاح ص: ٥١.
(٤) مقدمة ابن الصلاح ص: ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>