للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من مُعْجِزَاتِه

إعْلَم أنَّ مُعْجِزَاتِه لا تُحْصَى، قَالَ الزَّاهِديّ مُخْتَار بن مَحْمود (١) فيما قرأتُه على بَعْض مَشَايِخِي في رِسَالَتِه النَّاصِرِيّة قيل: ظَهَرَ عَلى يَد نبينا ألْفُ مُعْجِزَةٍ، وقيل: ثَلاثة ألاف مُعْجِزَة انتهى (٢). وَلَعَلّه أرَادَ غيرما في القُرآن العَظِيم، مع مافيه من النَّظَر، فَإنّ مُعْجِزاته لا تُحصَى، فَمِن ذلك القُرآن العَظيِم، وهو أعْظَمُها، وشَقّ الصَّدْر مَرَّات كما تَقَدَّم، وإخبَارُه عن البَيْت المقدس، وانشِقَاق القَمَر، وأنّ الملأ من قُرَيش - كَانُوا مائة - تَعَاقَدُوا على قَتْله، فَخَرجَ عليهم، فَخَفَضُوا أبْصَارهم، وسَقَطت أَذْقَانهم في صُدُورِهم، وأقْبَل حَتَّى قَام على روُسِهم، فَقَبَض قَبْضَة من تُرَاتٍ، وقال: شَاهَتْ الوُجُوه، وحَصَبَهم، فما أصَابَ رَجُلًا منهم شئٌ من ذلك الحَصَى إلّا قُتِل يَوم بَدْر، ورَمَى يوم حُنَيْنٍ بِقَبْضَةٍ من تُرَابٍ في وُجُوه القَوْم، فَهَزَمَهُم اللّهُ، وكَذَلكَ يُرْوَى في بَدْر، ونَسْجُ العَنْكَبُوت عليه في الغَارِ، وأمر الحَمَامَتَيْن الوَحْشِيّتَيْن، فَوَقَفَتَا بِفَم الغَارِ، وما كان من أمْرِ سُرَاقَة، تَبِعَه في الهِجْرة، فَسَاخَتْ قَوَائمُ فَرَسِه في الأرض الجَلَد، ومَسَح ضَرْعَ عِناقٍ لم يَنْز (٣) عليها فَحْلٌ فَدَرَّت، وقِصَّتُه في شَاة أمّ مَعْبَد، ودَعْوتُه لِعُمَر أن يُعِزَّ اللّه به الإسلامَ، ودَعْوَتُه لِعَلِيٍّ أن يُذْهِبَ اللّه عنه الحَرَّ والبَرْدَ، وتفله في عَيْنَيه - وهو أرْمَد - فَعُوفي مِنْ سَاعَتِه، ولَم يَرْمد بعد ذلك، ورَدّ عَيْن قَتادة بن النُّعْمَان بعد أن سَالَت عَلَى خدِّه، فَكَانَتْ أحَدَّ عَيْنَيْه، ودَعَا لابن عَبَّاس بِالتَّأوِيل والتَّفَقُّهِ في الدِّين، وَدَعَا لِجَمَل جَابِر فَسَارَ سَابِقًا بعد أن كَانَ مَسْبُوقًا، وَدَعَا لأنَسٍ بِطُولِ العُمر، وكَثْرَة المَالِ وَالوَلد، فَكَان كَمَا دَعَاه، ودَعَا في تمر حائط جَابِر بالبَرَكة، فأَوْفَى غرمَاءه مَا عَلى أبيه، وفضل ثلاثة عشر وَسَقًا أو


(١) له ترجمة في الجواهر المُضية ٣/ ٤٦٠.
(٢) ذكر القرشي في الجواهر المُضِيَّة هذا القول من رسالته "الناصِرِية" ٣/ ٤٦١.
(٣) في النسخة "لم يَنْزُو" وهو سهو لأنّ حرف العلة تحَذَف بعد دخول الحرف الجازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>