للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ثَنَاءُ العُلَمَاء عليه:

احتَلّ البُرهان المُحَدِّث سِبْط ابن العَجْمي مَكَانَةً عَظِيمةً مَرْمُوقَةً بين عُلَماء القَرْن التَّاسِع الهجرِيّ في الحَديث وعُلُومِه، وما يَتَّصِل بهما، وسَادَتْ شهرتُه في الدِّيَار الحَلَبِيّة وغيرها، واتّفَقَتْ كلمةُ مُتَرجِمِيه وعَارِفيه على وَصْفِه بالإمَامَة وبَرَاعَتِه في الحديث وعُلُومه، وأرَى من المُنَاسب أن أذكر هنا أوّلًا أقوال العُلمَاء والنُّقَّاد المُعَاصِرِين له، لما لذلك من أهمِيّة في توثيقه وعُلُّو شَأنه، وبَيَان فَضْلِه ومَنْزِلته:

قال ابن خَطِيب النَّاصِرِيّة - وهو من شُيُوخِه - المُتَوفَّى سنة (٨٤٣)، ونقله عنه ابن تغري بردي فَقَال: هو شَيْخي، عليه قرأتُ هَذَا الفَنّ، وبه انتَفَعْتُ، وبِهَدْيِه اقتَديتُ، وبِسلُوكه تأدَّبتُ، وعليه استفدتُّ، وهو شيخٌ إمِامٌ، عَالِم عامل، حَافِظ وَرِعٌ، مُفِيد، زَاهِدٌ على طريق السَّلَف الصَّالح، لَيْس مُقْبِلًا إلّا على شَأنِه من الاشتغال والاشغال، لا يَتَرَدّد إلى أحَدٍ، وأهل حلب يُعَظِّمُونه، ويَعْتَقِدون بركتَه إلى أن قال: وَصَارَ رُحْلَة الآفَاق (١).

وقال الحافظ ابن حجر المتوفى سنة (٨٥٢): وجَمَع وصَنّف مع حُسْن السِّيْرَة، والتَّخَلّق بجميل الأخْلَاق والفِقْه والانجماع والإقبال على القِرَاءة بنِفْسِه، ودَوَام الإسماع، وهو الآن شيخ البِلاد الحَلَبيَّة غير مُدَافِع، أَجَاز لأولَادِي، وبَيْنَنا


(١) المنهل الصافي ١/ ١٣٦، قلت: يلاحظ كيف بَدَأ بن خطيب الناصِرِيّة كلامه؟ "هو شيخي … "، وتقدم أنْ ذكرنا ابن خطيب الناصرية من شيوخ السَّبْط، ولذا ترجمناه في شيوخه، وذلك أنّ السلف الصَّالح لا يتوقفون عن الاستفادة مِمَّن هو أصغر منه، إذا كان ذا علم جَمّ، ومؤلِّفُنا البُرهان السبط ابن العجمي قد طار صيْتُه في حياته، فلا يستغرب استفادته من تلميذ له نجيب مثل البرهان، هذا وقد استفاد السبط نفسه من الحافظ ابن حجر مع أنَّه من جملة تلامذته، وقد ترجمناه في جملة تلامذة السبط.

<<  <  ج: ص:  >  >>