للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه أخرج الوزير الصاحب شمس الدين بن كاتب أزنام (١)، مائة ألف أردب من القمح العتيق، الذى كان بالشون، فطرحه على التجّار والطحّانين، سعر أربعة دنانير كل أردب، فكان معدّل كل أردب بدينار، ويخسر عن رأس ماله ثلاثة دنانير كل أردب، فكثر عليه الدعاء من الناس قاطبة.

وفيه استقرّ برهان الدين إبراهيم بن الصنهاجى، فى قضاء المالكية بدمشق، عوضا عن علم الدين محمد بن محمد القفصى. - وفيه استقرّ فى قضاء الحنفية بحلب، موفّق الدين محمد، عوضا عن محبّ الدين محمد بن الشحنة.

وفيه أحضر من دمشق بأربعة من الفقهاء، وهم فى الحديد، وقد بلغ السلطان عنهم أنّهم قالوا: «ولاية السلطان لا تصحّ، لأنه أفشى (٢) الظلم فى أيامه، وحصل منه للرعيّة غاية الضرر، وأنّه لا يقوم بأمور المسلمين كالملوك العادلة»؛ فلما حضروا بين يدى السلطان وبّخهم بالكلام، ورسم للأمير حسين بن الكورانى، والى القاهرة، بأن يعاقبهم أشدّ العقوبة، ثم يسجنهم بخزانة شمايل، فضل ذلك وسجنهم.

وفى شهر ذى الحجّة، فيه قدمت رسل ملك الحبشة، بكتاب ملكهم الخطى، واسمه داود بن سيف أرعد، وحضر صحبة القاصد هديّة حفلة للسلطان، طلعت إلى القلعة على رءوس أحد وعشرين حمّالا، وهى ما بين قماش وتحف وظرايف بلادهم، وكان من جملة تلك الهدية عدّة قدور، ملئت بذهب، قد صيغ على قدر الحمص، وهى من أجود الذهب؛ ومن جملتها زياد وعود وحصى لبان، وأشياء كثيرة من هذا النمط، وعدّة جوار حبش، وطواشية حبش، وغير ذلك من التحف الغريبة.

وفيه وقعت حادثة شنيعة، وهو أنّ السلطان دخل إلى القصر الكبير، المطلّ على الرملة، من غير يوم موكب، فلما جلس بالشباك الكبير، رأى من بعد خيمة بيضاء، مضروبة فى خرطوم الروضة، على شاطئ النيل، فبعث أحد الغلمان من الفرّاشين، ليكشف عن خبر تلك الخيمة، من فيها؟


(١) أزنام: كذا فى الأصل. وقد ورد الاسم هنا فيما سبق «أزلان»، انظر ص ٢٩٦ س ٢١ و ٢٩٧ س ١٧ و ٣٢٦ س ١٤ و ٣٣٦ س ٢٠. -- أردب: أردبا.
(٢) أفشى: أفشا.