للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى أيامه، سنة تسع وثلاثين، تولّى أبو سلمة الناسك، قاضيا بمصر، وكان من المجتهدين، وهو أول من أسجل سجلاّ بمصر فى مواريث، وهو أول من قصّ بمصر، وكان يختم فى كل ليلة ثلاث ختمات؛ فأقام قاضيا بمصر حتى توفّى بدمياط، سنة خمس وسبعين من الهجرة، وكان من التابعين.

وفى أيامه توفّى معيقيب، ، وذلك سنة أربعين من الهجرة، وهو معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى، وكان خازن بيت المال لرسول الله، ، شهد فتح مصر، وكان من مشاهير الصحابة.

[ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين]

فيها مرض الأمير عمرو بن العاص، وسلسل فى المرض، فلما أشرف على الموت، أحضر ما كان جمعه من أموال القبط، لما فتح مصر، وقال لولده عبد الله، وكان يقاربه فى السنّ، حتى قيل كان بين مولد عمرو بن العاص، وبين مولد ولده عبد الله، نحو ثلاث عشرة سنة، فقال له: «إذا أنا متّ فاردد هذه الأموال، التى جمعتها، إلى أصحابها».

فلما مات الأمير عمرو، سمع بها معاوية (١)، فأرسل أخذها، وقال: «نحن أحقّ بهذه الأموال لدفع العدو»، فأخذها وأدخلها فى بيت المال؛ قيل لعبد الله بن عمرو:

«ما كان قدر ذلك المال»؟ قال: «كان سبعين جرابا من جلد ثور كاملة».

وفى أيامه توفّى تميم بن أوس بن حارثة الرازى، شهد فتح مصر، وكان من مشاهير الصحابة، مات سنة أربعين من الهجرة، وكان قبل موته وقع به جذام (٢) واستمرّ به حتى مات بالجذام.

وكانت وفاة الأمير عمرو بن العاص، فى ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وأربعين، فلما كان يوم العيد، أخرج نعشه إلى الجامع، ووضع فى المحراب حتى تكامل الناس، فصلّوا صلاة العيد، ثم صلّوا عليه، وحمل إلى مقابر الفسطاط، ودفن على طريق


(١) معاوية: معوية.
(٢) جذام، جذاما.