وقال له:«هذا لا يحلّ ولا يجوز»؛ فلما بلغ السلطان ذلك تغيّر خاطره عليه وضربه، وألزمه بأن لا يسكن بدمنهور؛ ثم بلغ السلطان بعد ذلك ما هو عليه من الورع والزهد وكثرة العلم، فأرسل خلفه، واعتذر إليه، ثم أخلع عليه وأعاده إلى دمنهور مكرّما.
وفيه حضر جماعة من العلماء إلى مدرسة السلطان، التى أنشأها بين القصرين، بسبب الدروس فى العلم، فحضر أربعة مدرّسين على المذاهب الأربعة، من كل مذهب فقيه، وحضر مدرّس تفسير، ومدرّس حديث، ومصدّر لإقراء القراءات بالروايات السبع.
وفى يوم الاثنين (١) ثامن عشره، خرج المحمل الشريف من القاهرة فى تجمّل عظيم؛ وكان أمير ركب المحمل فى تلك السنة الأمير آقبغا الماردينى، أحد المقدّمين الألوف؛ وحجّ فى هذه السنة الأمير جركس الخليلى، أمير آخور كبير، وحجّ الأمير كمشبغا الخاصكى، ومحمد بن تنكز بغا، والأمير جركس المحمدى، وغير ذلك من الأعيان والرؤساء.
وفيه كانت وفاة أمير المؤمنين الواثق بالله عمر العبّاسى، وكان رئيسا حشما، حسن السيرة، وكانت مدّة خلافته ثلاث سنين وأشهر؛ فنزل السلطان وصلّى عليه، وكانت جنازته حفلة، ودفن عند أقاربه بجوار السيدة نفيسة، ﵂.
فلما كان يوم الاثنين خامس عشرينه، جلس السلطان بالقصر الكبير، وأرسل خلف قضاة القضاة الأربعة، وحضر شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى، والشيخ صدر الدين محمد بن إبراهيم المناوى، مفتى دار العدل، وحضر القاضى كاتب السرّ بدر الدين محمد بن فضل الله، والقاضى نجم الدين محمد الطنبدى، وكيل بيت المال؛ فلما تكامل المجلس أرسل السلطان خلف زكريا، أخو عمر الواثق بالله، فلما حضر أظهر عهد عمّه المعتضد بالله أبى الفتح أبى بكر إليه بالخلافة، ثم أحضر له بالتشريف
(١) الاثنين: الخميس. ويلاحظ أن التواريخ الأخرى، التى وردت هنا لشهر شوال، صحيحة.