للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ذلك، والخليفة يحلف أيمانا عظيمة، أنّ هذا الكلام ليس له صحّة؛ فحنق منه السلطان، واستلّ النمجاة ليضرب بها عنق الخليفة، فقام الأمير سودون، النائب، فى وجهه، وحال بينه وبينه، وما زال به حتى سكن بعض غضبه على الخليفة.

ثم إنّ السلطان أمر بتسمير الأمير قرط بن عمر التركمانى، وإبراهيم بن قطلو آقتمر، أمير جندار، فسمّرا (١) وطيف بهما فى القاهرة، وأتوا بهما إلى باب المحروق، فوسّطوا هناك الأمير قرط بن عمر التركمانى، وأرادوا توسيط إبراهيم بن قطلو آقتمر، أمير جندار، فشفع فيه بعض الأمراء عند السلطان، ففكّت مساميره، وتوجّهوا به إلى خزانة شمايل، فسجن بها.

ثم إنّ السلطان طلب القضاة الأربعة ليفتوه فى قتل الخليفة محمد المتوكّل على الله، فلم يفتوه بقتله، ولا ثبت عليه ما يوجب القتل، فرسم السلطان بتقييده، وسجنه فى البرج الذين بالقلعة.

ثم إنّ السلطان طلب زكريا وعمر، ابنى إبراهيم عمّ الخليفة المتوكّل على الله، فوقع اختياره على عمر بن الخليفة المستعصم بالله أبى إسحق إبراهيم بن المستمسك بالله أبى عبد الله محمد بن الإمام أبى العبّاس أحمد بن الحسن بن أبى بكر بن أبى إسحق على الحاكم بأمر الله، فولاّه الخلافة، عوضا عن محمد المتوكّل على الله، وخلع المتوكّل من الخلافة.

فلما لبس شعار الخلافة، تلقّب بالواثق بالله، فنزل من القلعة فى موكب حفل، وكان ذلك اليوم مشهودا، فكان هو الثامن من خلفاء بنى العبّاس بالديار المصرية؛ واستمرّ فى الخلافة نحو ثلاث سنين، ثم أعيد المتوكّل إلى الخلافة ثانيا، كما سيأتى ذكر ذلك فى موضعه.

فكانت مدّة خلافة محمد المتوكّل على الله فى هذه المرّة نحو اثنتين وعشرين سنة ونصف، واستمرّ بالسجن مدّة طويلة، وهو مقيّد بالحديد، إلى أن أفرج عنه برقوق، كما سيأتى الكلام على ذلك فى موضعه؛ وفى هذه الواقعة للشهاب بن العطار،


(١) فسمرا: فسمروا.