للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى شهر رجب، وقع فيه من الحوادث المهولة، أنّ السلطان قد تغيّر خاطره على أمير المؤمنين محمد المتوكّل على الله، وكان سبب ذلك أنّ الأمير محمد ابن محمد بن تنكز، نائب الشام، طلع إلى السلطان بعد الظهر، وخلا به، ونقل له عن الخليفة المتوكّل على الله، أنّه اتّفق مع الأمير قرط بن عمر التركمانى، والأمير إبراهيم بن قطلو آقتمر العلاى، أمير جاندار، على قتل السلطان، ودبّروا من الحيلة أنّ السلطان إذا نزل إلى الميدان الذى تحت القلعة، ولعب هناك بالكرة، يهجموا (١) عليه نحو مائة فارس من جماعة الأمير قرط، من الأكراد، ويقتلوه (٢) بالميدان، فإذا قتلوه، تركب الأمراء، ويصعدوا (٣) إلى القلعة، ويسلطنوا الخليفة عوضه؛ ثم إنّ محمد بن تنكز حلف للسلطان على المصحف بصحّة ما نقله عن الخليفة المتوكّل على الله.

ثم إنّ السلطان رسم بإحضار الخليفة، وإحضار الأمير قرط، وإبراهيم بن قطلو آقتمر، وأحضر الأمير سودون، النائب، وأخبره بما بلغه عن الخليفة، فلما حضروا الكل بين يدى السلطان، أخذ يذكر للخليفة ما نقل عنه، فأنكر ذلك، وحلف أيمانا عظيمة، فإنّه لم يقع منه ذلك.

ثم أحضر الأمير قرط، وقال له: «ما تقول أنت، فيما نقل عنك»؟ قال: «إنّ الخليفة طلبنى وقال إنّ السلطان قد تزايد ظلمه، وأخذ أموال الناس بغير حقّ، وكان قد قرّر معى أنّه يبطل المكوس كلها، فما فعل ذلك، ولو علمت أنّه يحدث منه هذه المظالم ما بايعته بالسلطنة، ولكن اجمع له مائة فارس من الأكراد، من جماعتك، فى يوم السبت بالميدان، إذا لعب بالأكرة، فيهجمون عليه ويقتلونه».

ثم أحضر إبراهيم بن قطلو آقتمر، أمير جندار، وقال له: «ما تقول أنت فيما نقل عنك»؟ فقال: «استدعانى الخليفة، وأخبرنى بهذا الكلام، وقال لى إنّ هذا الأمر فيه عين المصلحة للمسلمين»؛ وأخذ إبراهيم يحاقق الخليفة، ويذكر له أمارات


(١) يهجموا: كذا فى الأصل، ويلاحظ الأسلوب العامى فيما يلى.
(٢) ويقتلوه: كذا فى الأصل.
(٣) ويصعدوا … ويسلطنوا: كذا فى الأصل.