للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتغيّر خاطر السلطان على الأمير جركس الخليلى، كونه سجن المؤذّن والخطيب بغير حقّ؛ ثم إنّ السلطان بعث الأمير أيدكار، الحاجب، إلى برما للكشف عن حقيقة ذلك، وما جرى فى برما، فتبيّن له أنّ النصارى هم الظالمون، فقبض على النصارى وحملهم إلى عند السلطان.

فأمر السلطان بأن يتوجّهوا أجمعين (١) إلى بيت قاضى القضاة المالكى، فادّعى على النصارى بقوادح فعلوها، وأقيمت عليهم البيّنات بذلك، وأمر قاضى القضاة بسجنهم، حتى يرى ما يرى السلطان فى أمرهم.

فاتّفق فى عقيب ذلك أنّ الأمير جركس الخليلى، وقع له فى شونته، التى فيها القصب، نار (٢)، فاحترق ما فيها من الأقصاب، وكان قوّم بألف دينار؛ ثم حدث له ورم فى رجله عقيب ذلك، واشتدّ به الألم حتى أرجف بموته، فلم يزل على ذلك حتى مات بعد أيام، وكان ذلك عقوبة من الله تعالى له، لمساعدته أهل الزندقة من النصارى.

وفى شهر جمادى الآخرة، فيه استقرّ الأمير صنجق السيفى فى نيابة حماة، عوضا عن الأمير يلو، بحكم وفاته. - وفيه قدم البريد من الكرك، وأخبر أنّ نائبها الأمير طغاى تمر، احتال على الأمير خاطر، أمير العربان، فلما ظفر به وبابنيه (٣) الاثنين، فذبح الثلاثة بيده، ولم تنتطح فى ذاك شانان (٤). - وفيه خلع على الأمير كمشبغا الحموى، واستقرّ فى نيابة صفد، عوضا عن الأمير تمرباى.

وفيه خلع على ابن وزير بيته، واستقرّ فى نظر الإسكندرية؛ وخلع على جمال الدين عبد الله بن عزيز، واستقرّ تاجر السلطان، بثغر الإسكندرية.

وفيه حضر الأمير سودون، النائب، وقضاة القضاة الأربعة، فى المدرسة الصالحية التى بين القصرين، وقدّمت بين أيديهم ستة أنفار، ضربت أعناقهم تحت شبّاك المدرسة، وسبب ذلك أنّهم أسلموا، ثم ارتدّوا إلى دين النصرانية.


(١) أجمعين: الجمعين.
(٢) نار: نارا.
(٣) وبابنيه الاثنين: وابناه الاثنان.
(٤) شاتان: شاتين.