للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنين المجدبة، وهى كنوز فرعون التى تتحدّث الناس بها إلى الآن.

ولم يزل فرعون على ما ذكرناه، قائما على ملكه بمدينة منف، حتى انقرض فى أيامه ثلاثة قرون من العالم، وهو باق على حاله.

قال وهب بن منبه: عاش فرعون أربعمائة سنة، وهو مخول فى النعمة، لا يرى ما يكره من نفسه، ولا حمّ فى جسده، ولا دخل عليه سوء، فعند ذلك كلّل لحيته باللؤلؤ والجواهر، وطغى وتجبّر، وادّعى الربوبية من دون الله تعالى، فأرسل الله إليه موسى، ، يدعوه إلى الإيمان، فلم يؤمن، فأوحى الله تعالى لموسى أن يخرج ببنى إسرائيل إلى بحر القلزم.

فلما بلغ فرعون ذلك خرج فى أثر موسى، وهو فى عساكر لا تحصى، فلما انفلق البحر لموسى، وعدّى ببنى إسرائيل، تبعه فرعون ومن معه من العساكر، فانطبق عليهم البحر، فغرق فرعون هو وعساكره فى بركة الغرندل، وقد تقدّمت أخباره فى أول التاريخ عند قصة موسى، .

نكتة لطيفة: قال وهب بن منبه: لما طغى فرعون أتاه جبريل، ، فى صفة رجل مستفتى، فقال لفرعون: «ما تقول فى رجل اشترى عبدا، وربّاه صغيرا، فلما كبر عصى على مولاه، وقال لست بعبد لك، وادّعى؟؟؟، فما يكون جزاء ذلك العبد»؟ فقال فرعون: «جزاؤه التغريق فى البحرمة، فقال له جبريل:

«أعطنى خطّك بذلك»، فكتب له فرعون خطّه بذلك؟؟؟ لجم فرعون الغرق، أتاه جبريل بخطّه فعرفه، وقضى على نفسه، فأراد أن يقول آمنت بربّ موسى وهرون، فأخذ جبريل خطّه وحشاه فى فمه حتى غرق. انتهى ذلك.

قال القضاعى: لما غرق فرعون وقومه، صارت مصر ليس بها أحد من أشراف أهلها، سوى العبيد والأجراء فقط، فكانت أعيان النساء من القبط تعتق عبدها وتتزوّج به، أو تتزوّج بأجيرها، وكانوا يشرطون عليهم أن لا يفعلوا شيئا إلا بإذنهن، وقد صار ذلك سنّة عند القبط إلى اليوم، لا يفعلون شيئا من الأشياء حتى يستأذن نساؤهم (١).


(١) نساؤهم: نسايهم.