للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه قرئ صحيح البخارى بالقصر الكبير بالقلعة على العادة، وكان من عهد الملك الأشرف شعبان بن حسين لم يقرأ (١) بالقصر.

وفيه وقع من الحوادث، أنّ قاضى القضاة الشافعى برهان الدين إبراهيم بن جماعة، حضر مجلس سماع صحيح البخارى، ثم نزل من القلعة إلى داره، فلما ركب أخذ شخص، يعرف بابن نهار، بعنان بغلته، وقال له: «قد حكمت علىّ بحكم لا يجوز شرعا»؛ وأخذ ابن نهار فى الإساءة المفرطة على ابن جماعة، فشقّ ذلك على ابن جماعة، فلما نزل إلى داره عزل نفسه من القضاء ولزم داره.

فلما بلغ ذلك إلى الأتابكى برقوق، طلب ابن نهار، فلما حضر استدعى (٢) برقوق بشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى، ومشايخ العلم، فأفتى شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، بتعزير ابن نهار، فرسم الأتابكى برقوق للوالى بأن يضرب ابن نهار بالمقارع، ثم يشهره على جمل بالقاهرة، ففعل به ذلك.

ثم إنّ الأتابكى برقوق، بعث يسترضى خاطر قاضى القضاة برهان الدين بن جماعة.

فلم يرض بعوده إلى القضاء، فبعث إليه ثانيا الأمير قطلوبغا الكوكاى، والأمير إيّاس الصرغتمشى، أحد رءوس النوب، فلم يزالا به حتى أخذاه وأتيا به إلى الأتابكى برقوق، فلما شاهده من بعد قام إليه وتلقّاه، وعانقه وترضّاه، ثم أحضر إليه بالتشريف، فأفيض عليه، ونزل من القلعة فى موكب حفل، وكان يوما مشهودا.

وفيه ركب البريد الأمير جلبان، الدوادار، لإحضار الأمير أينال اليوسفى، نائب حلب. - وفيه أخرج الأمير فقبل الرومى، الخازندار، السيفى يلبغا العمرى، منفيّا إلى القدس، وكان من شرار الأمراء، ظالما غشوما.

وفيه أمطرت السماء مطرا غزيرا، حتى سالت منه الأزقة والشوارع، وخاضت فيه الخيول للّبب، وحاء من الجبل المقطم السيل، حتى دخل البيوت وتهدّمت منه.

وفيه قدمت الأخبار، بأنّ الأمير أينال اليوسفى قد وصل إلى غزّة، فأرسل الأتابكى


(١) يقرأ: يقرى.
(٢) استدعى: استدعا.