للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطّلا على بحر النيل، وإنما سمّى قصر الشمع، لأنّه كان يقد فيه الشمع عند نقل الشمس، من برج إلى برج، من الشهور القبطية، فتعلم أهل مصر أنّ الشمس نقلت فى تلك الليلة، ولم يزل هذا القصر عامرا، إلى أن أخربه بخت نصر لما قدم إلى مصر، وأقام خرابا نحو خمسمائة سنة، فلما قويت شوكة الروم على اليونان، واستولوا على مصر، جدّدوا بناءه، وجعله بيتا لعبادة النيران، وسمّى قصر الجمع.

قال وهب بن منبه: إنّ يوسف، ، لما دخل مصر، واشتراه وزير الريان المسمّى قطفير، كان فى زمن الريان هذا، وهو الذى رأى تلك الرؤيا المشهورة، وقصّها على يوسف وهو فى السجن، وهو الذى قال له يوسف، : «اجعلنى على خزائن الأرض».

وقيل إنّ يوسف بنى (١) مدينة الفيوم فى أيامه، وكان أرضها مغائص للماء، فدبّرها بالوحى من جبريل، ، حتى خرج عنها الماء، فلما انتهى منها العمل، ركب الريان لينظر ما صنعه يوسف، فلما رأى ذلك تعجّب منه، وقال: «هذا كان يعمل فى ألف يوم»، فسمّيت من يومئذ الفيوم؛ وكانت محكمة على ثلثماية وستين قرية، على عدد أيام السنة، لتغلّ كل قرية منها على أهل مصر يوما.

واستمرّ الريان على ملكه بمصر، حتى مات فى أيام يوسف، ، وقيل إنّه أسلم على يد يعقوب، ، لما دخل مصر. انتهى ذلك.

ولما مات الريان، استخلف بعده ابنه دارم، وهو الفرعون الثالث؛ وكان جبّارا عنيدا، فأظهر عبادة (٢) الأصنام، وعمل صنما من الرخام الأخضر، وألبسه الثياب الحرير الأحمر، واتّخذ له عيدا، كلما دخل القمر برج السرطان.

ومن أعماله العجيبة، أنّه عمل تنّورا، يشوى فيه من غير نار، وعمل قدرا، يطبخ فيه من غير نار؛ وعمل سكينا منصوبة فى وسط مدينة منف، ومن شأنها تأتى


(١) بنى: بنا.
(٢) عبادة: عبادت.