للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما نزل من رأس الصوّة، ووصل إلى باب السلسلة، جاءوا إليه مماليك الأمير بركة، وأنزلوه من على الجمل، وضربوه بالسيوف حتى صار قطعا، قطعا، فبعض المماليك قطع رأسه، وبعضهم شقّ بطنه، وأخرج قلبه، وجعل يمضغه بأسنانه، من شدّة قهره على أستاذه، وبعضهم قطع أذنيه وأكلها، ثم علّقت رأسه على باب زويلة، وصار كل مملوك من مماليك بركة يقطع من أعضائه عضوا، حتى يشتفى منه.

ثم إنّ بعض أصحابه جمع أعضاءه (١)، وأرسلت أمّه اشترت رأسه من الوالى بمبلغ له صورة، ودفنتها مع بقية أعضائه فى مدرسته، التى أنشأها عند قنطرة أمير حسين ابن جندر، المطلّة على الخليج الحاكمى، من حكر النوبى، خارج القاهرة؛ وصارت هذه الواقعة مثلا عند أهل مصر، يقولون: «نعوذ بالله من حمول ابن عرام»، وقد قتل ظلما.

ويقال كان أصله من غزّة، وهو خليل بن على بن أحمد بن عرام، وقد تحيّر بين رضا الأتابكى برقوق، وبين مماليك الأمير بركة، حتى قتل نفسه، وراحت فى كيسه، فكان كما يقال:

مخالط السلطان فى محنة … يرتقب الأوقات فى عكسه

إنّ سرّه أسخط خلاقه … أو ساءه خاف على نفسه

وكان الشيخ يحيى الصنافيرى، والشيخ نهار، قد بشّرا عن خليل ابن عرام، أنّه ما يموت إلا مقطّعا بالسيوف؛ وفى هذه الواقعة يقول الشهاب أحمد ابن العطّار:

بدت أجزا ابن عرام خليل … مقطّعة من الضرب الثقيل

وأبدت أبحر الشعرا المراثى … محرّرة بتقطيع الخليل

وكان خليل بن عرام ربّسا حشما من أعيان الرؤساء، وولى عدّة وظائف سنيّة، منها: حجوبيّة الحجّاب، والوزارة، والأستادارية، ونيابة الإسكندرية، وغير ذلك من الوظائف السنيّة؛ وكان خليل بن عرام فكه المحاضرة، وله مشاركة فى العلم، وكان


(١) أعضاءه: أعضابه.