للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أرسل دواداره، الأمير يونس، إلى الإسكندرية بالكشف عن ذلك، فلما وصل إلى هناك وجد خليل بن عرام قد قتل بركة وهو بالسجن، ودفنه فى بعض الترب التى هناك، فنبش قبره وأخرجه منه، فوجده قد دفن بثيابه، ولم يغسّل، ووجد فى رأسه ثلاث ضربات، فغسّله الشرفى يونس، وكفّنه وصلّى عليه، ودفنه خارج باب رشيد، وأمر أن تبنى (١) على قبره قبّة، ثم إنّه كتب بقتله محضرا.

ثم قبض على الأمير خليل بن عرام، نائب الإسكندرية، وأحيط على موجوده (٢)، من صامت وناطق، ووضعه فى الحديد؛ ثم إنّه نزل به فى مركب، وسار به فى البحر الملح إلى دمياط، خوفا من بدر بن سلام أن يعترضه فى الطريق، ويخلّصه، فإنّه كان صديقه.

فلما وصل إلى دمياط أتوا به فى مركب إلى القاهرة، فسجن بخزانة شمايل (٣)، وهو مقيّد؛ فلما بات بخزانة شمايل، حضر الوالى وعاقبه بطول الليل، وعصره فى أكعابه؛ وقد أشيع عنه أنّه لما قتل الأمير بركة، وجد فى رأسه فصوص مثمّنة، فأخذها، فلما عاقبوه لم يقرّ بشئ.

فلما كان يوم الخميس خامس عشرين رجب، طلب الأتابكى برقوق ابن عرام، فحمل على حمار إلى القلعة، وقد اجتمع سائر الأمراء بباب القلّة، فلما حضر خليل بن عرام جرّد من ثيابه، وضرب بالمقارع بين يدى برقوق، ستة وثمانين شيبا، وهو يقول: «ما قتلته إلا بمرسوم الأتابكى برقوق، وقد سرق المرسوم منى، بينى وبينكم الله تعالى».

ثم إنّ الأتابكى برقوق رسم بتسميره، فدقّت المسامير الحديد فى كفوفه، وأركبوه على جمل، ونزلوا به من القلعة، والمشاعلية تنادى عليه: «هذا جزاء من يقتل الأمراء بغير دستور من السلطان».


(١) تبنى: تبنا.
(٢) موجوده: موجده.
(٣) شمايل: شمامل.