للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من العسكر، فاشتغلوا بالنهب، فردّت عليهم الأتراك من تلك (١) الأكمنة، وأحاطوا بهم، فلم ينج (٢) من العربان إلا من طال عمره؛ فقتلوا منهم ما لا يحصى عدده، وأسر من أولادهم، ونسائهم، ما لا يحصى، حتى قيل قتل من العربان فى تلك الليلة نحو ألفين إنسان (٣)، وقبض على أولاد بدر بن سلام، ونسائه، وبناته، وصاروا يقتلون (٤) من العربان من ظفروا به، ما بين مذنب وبرئ، ونهب منهم العسكر ما لا يحصى من أغنام، وجمال، وخيول، وسلاح، وغير ذلك من بنات ونساء، وهرب جماعة كثيرة من العربان إلى الأودية والجبال، وأسر منهم الباقون.

فلما جاءت الأخبار إلى السلطان بهذه النصرة على العربان، زيّنت القاهرة بسبب هذه النصرة؛ ثم إنّ العسكر نهب تروجة وأخربها، كون أنّها محلّ سكن بدر بن سلام.

ولما كانت هذه الوقعة (٥) بالليل، وقتل من العربان ما لا يحصى، هرب بدر بن سلام على فرسه تحت الليل، وفاز بنفسه، واختفى، ولم تظفر به الأمراء، وكان من أمره ما سنذكره فى موضعه.

ثم إنّ الأتابكى برقوق أرسل مرسوم السلطان بالأمان إلى أهل دمنهور، وكانت قد خربت، وصارت لا أنيس بها، فلما وصل إليهم مرسوم السلطان، قرئ على منبر بدمنهور، ثم نودى بالأمان لأهل دمنهور، فتراجعوا إليها، وترشّح أمرها إلى العمارة بعد الخراب، بسبب بدر بن سلام.

فلما انكسر بدر بن سلام، وهرب تحت الليل، وذهب إلى الأودية، فأرسل يطلب من الأمراء الأمان، فأرسلوا كاتبوا الأتابكى برقوق بذلك، فأرسل إليه خلعة، ومنديل الأمان، على يدى الأمير بهادر المنجكى، أستاداره، والشريف بكتمر، فأطاع بدر بن سلام، ولبس الخلعة، وتوجّه صحبتهما إلى قريب القاهرة، فتخيّل من برقوق


(١) تلك: ذلك.
(٢) فلم ينج: فلم ينجوا.
(٣) ألفين إنسان: كذا فى الأصل.
(٤) يقتلون: يقتلوا.
(٥) الوقعة: كذا فى الأصل.