فلما أرسل الأمير بركة يعلم الأتابكى برقوق، بأنّه فى جامع المقسى، عند الشيخ محمد القدسى، بعث إليه الأمير ألطنبغا الجوبانى، والأمير يونس، دواداره، وجماعة من المماليك، فتوجّهوا إلى الأمير بركة وقبضوا عليه، وأركبوه على فرس، وطلعوا به إلى القلعة، فرسم الأتابكى برقوق بأن يقيّدوه، فقيّدوه هو وآقبغا صيوان، ثم أنزلوه من باب الدرفيل، بعد العشاء، وتوجّهوا به إلى بولاق، وأنزلوه فى الحرّاقة، وتوجّهوا به إلى الإسكندرية، فسجن بها، ومضى خبره، بعد ما قتل فى فتنته جماعة كثيرة من المماليك، والغلمان، وبعض أمراء عشرات، وخاصكية، وآخر الأمر انكسر وسجن ونفى؛ وفى هذه الواقعة يقول شهاب الدين أحمد بن العطّار، وهو قوله:
يا ويحها من فتنة … وشومها من حركة
وقبحها من زلّة … ما صار فيها بركة
وقال القيم خلف الغبارى من زجل له فى هذه الواقعة، وهو قوله:
مصر صارت بعد انقباض فى انشراح … وقلعها مزخرفة والقصور
يا إله احفظ لنا برقوق … واحرس الجند وانصر المنصور
جعل الله لكل وقعا سبب … ونقول لك سبب هذى الوقعه
بركا راد يعمل على أيتمش … والى الشام يسيروا بسرعه
طلب الصلح بينهم برقوق … فارسلوا لو اخلع عليه خلعه
وبقا بعض ما بقا فى النفوس … والغليل ما اشتفى بغلّ الصدور
وقد أمسوا على حذر بايتين … وإيش يفيد الحذر مع المقدور
أصلحوا بينهم نهار جمعه … وصفا ودّهم وطابو الجميع
جا أيتمش عصبة الأمير برقوق … وبقا كل حدّ لأمروا مطيع
فمسك فى نهار الاثنين طبج … ودمرداش الدويدار سريع
بركا حين سمع بذلك طلب … قبّة النصر خوف من المقدور
كان حذور حتى وقع فى الشرك … والمثل قال ما يوقع إلا الحذور