للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى السجن بثغر الإسكندرية، ورسم له أن يتوجّه إلى القدس بطّالا، ويقيم به. - وفيه قدم الأمير آقبغا عبد الله، طائعا، فخلع عليه، واستقرّ نائب غزّة، عوضا عن محمد ابن ألجبغا، بحكم وفاته.

وفيه خلع على محمد بن إياز (١) التركى، واستقرّ فى نيابة الوجه القبلى، عوضا عن قرط؛ وخلع على أحمد بن غرلو، واستقرّ فى ولاية البهنسى. - وفيه انتهت زيادة النيل إلى أصبعين من عشرين ذراعا، وقد أغرق الأراضى، حتى صارت لجّة ماء.

وفيه رسم الأتابكى برقوق لقاضى القضاة جلال الدين جار الله الحنفى، بأن يعزل نائبين من نوّابه، وهما: جمال الدين عبد الرحيم بن الورّاق، وزين الدين السكندرى.

فأما ابن الورّاق، فإنّه اعترفت عنده امرأة بانقضاء عدّتها، وأنّها سقطت، فحكم به، ثم ادّعت ثانيا أنّها حامل من مطلّقها، فقرّر عليه فرض الحمل، وهذا غير مذهبه.

وأما السكندرى، فإنّ رجلا احتمى به وتمسّك بالشرع، خوفا من الأمير مأمور حاجب الحجّاب، فشكا الأمير مأمور ذلك القاضى إلى الأتابكى برقوق، فرسم بعزله، وضرب ذلك الرجل الذى احتمى على الأمير مأمور بالمقارع، وأشهره فى القاهرة، ونودى عليه: «هذا جزاء من يحتمى على الأمراء»، فكان هذا غاية الضعف لأمر الشرع لمن احتمى به.

وفى شهر رجب، فيه وقعت حادثة مستغربة، وهى أنّ بعض الشهود كان يقال له أحمد بن الفيشى، وكان يجلس فى دكّان عند رحبة باب العيد، فاتّفق له أنّه خاصم زوجته يوما، ثم دخل إلى منزله، فسمع صوتا من خلف جدار حائطه، الذى يجلس إليه فى بيته، وهو يقول له: «اتّق الله تعالى، وعاشر زوجتك بالمعروف»، فظنّ أنّ هذا الصوت (٢) من أحد من الجان، ولم ير شيئا قدّامه.

فحدّث بعض أصحابه بذلك، فأتوا إلى بيته، فسمعوا الكلام من خلف الحائط، فسألوا عمّا بدا لهم، فأجابهم المتكلّم من غير أن يروا شخصا، فغلب على ظنّهم أنّ


(١) ابن إياز: ابن ايار.
(٢) الصوت: السوت.