للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسبب ذلك، باللغة التركية، فتزايد الكلام بين الأتابكى برقوق، والأمير بركة، والشيخ أكمل الدين، فحنقا من الشيخ أكمل الدين ووبّخاه بالكلام الفجّ، وكادا أن يبطشا به.

ثم إنّ الأتابكى برقوق، والأمير بركة، قالا لشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى: «لم لا تتكلّم أنت»؟ فقال كلاما مطوّلا، فكان من ملخّصه: «أنّ أوقاف الجوامع والمدارس والمساجد التى وقفت على علماء الشريعة، وفقهاء الإسلام، وعلى الشعائر، من المؤذّنين وأئمّة الصلوات والخطباء، ووقيد القناديل، ونحو ذلك، فلا يحلّ لأحد من الناس أن يتعرّض لحلّها بوجه من الوجوه؛ وأما [ما] (١) وقف على عويشة وفطيمة، الذى اشتروا من بيت المال، فينظر فى أمرهم، فإن كان أخذوا بطريق شرعى، فلا سبيل إلى نقض ذلك، وإن كان غير ذلك ينقض».

ثم قال قاضى القضاة الشافعى ابن أبى البقا السبكى: «يا أمراء، أنتم أصحاب الشوكة والأمر لكم»، فقال له شيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى: «اسكت ما أنت وهذا الكلام».

ثم سأل الأتابكى برقوق، والأمير بركة، قاضى القضاة ابن أبى البقا: «من أيش يشترى السلطان هذا»؟ فقال: «الأرض كلها للسلطان»، فقال له الشيخ بدر الدين محمد بن شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى: «كيف تقول الأرض كلّها للسلطان، ومن أين للسلطان ذلك؟ وإنّما هو كآحاد الناس فى أمر الأرض».

ثم قال الشيخ سراج الدين البلقينى: «يا أمراء، أنتم تأمرون القضاة بشئ، فإن يفعلوه لكم، وإلا تعزلوهم، كما جرى لشرف الدين بن منصور مع الأشرف شعبان، لمالم يفعل له ما أراد، عزله عن القضاء، وغضب عليه»؛ ثم انفضّ المجلس على ذلك، وقامت القضاة.

ثم إنّ الأتابكى برقوق أخرج عدّة أوقاف وجعلها إقطاعات، وفرّقها على المماليك، ولم يلتفت إلى كلام القضاة، ولا إلى قول شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى.


(١) [ما]: تنقص فى الأصل.