للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيه توفّى الأمير أحمد بن الأتابكى قوصون. - وتوفّى الأمير ألطنبغا أبو قورة، أمير سلاح، وكان من خيار الأمراء، قليل الأذى.

وفى شهر ذى الحجّة، فيه، فى يوم الاثنين ثانى الشهر، ثارت فتنة عظيمة بين مماليك الأتابكى طشتمر العلاى، وبين مماليك الأمير بركة الجوبانى، أمير مجلس، فلبسوا لامة الحرب، وتقاتلوا بالرملة أشدّ القتال، وقتل من الفريقين جماعة؛ فلما حال بينهما الليل، ورأى الأمير طشتمر عين الغلب، ركب وجعل فى عنقه منديلا (١)، وطلع إلى باب السلسلة عند الأمير برقوق، فلما طلع إليه، قبض عليه وقيّده وأرسله من يومه إلى السجن بثغر الإسكندرية، وقبض على أميرين معه، ممن كان من عصبته، وأرسلهما صحبته إلى السجن، وهما: الأمير بزلار، والأمير أطلمش، الدوادار.

ثم إنّ الأمير برقوق قبض على أرغون، دوادار طشتمر، وعلى الأبغاء رأس نوبته، وعلى صاحبه أمير حاج بن مغلطاى، وبعثهم إلى السجن بالإسكندرية، فسجنوا بها.

ثم إنّ الأمير برقوق صار يتتّبع من كان من جماعة الأتابكى طشتمر، فيقبض عليه، ثم قبض على عدّة من مماليكه ونفاهم إلى قوص؛ وكان الأمير برقوق يضمر المكائد للأتابكى طشتمر، حتى بلغ قصده منه، فكان يرسل يقول للأتابكى طشتمر:

«انفى مملوكك فلان، فإنّه بيرمى (٢) الفتن بين مماليك السلطان»، فيمتثل ذلك وينفيه، ويقصد الإخماد للفتنة.

ثم إنّ الأمير بركة أرسل يقبض على كمشبغا، رأس نوبة طشتمر، ويخرجه منفيّا إلى قوص، فلم يجد بدّا من ذلك.

فلما ثارت مماليك الأمير بركة، على مماليك الأتابكى طشتمر، وركبوا خيولهم، ووقفوا تحت القلعة، فأمر برقوق بدقّ الكوسات، فدقّت حربى (٣)، وركب هو والأمير بركة، فاشتدّ القتال بين الفريقين، وقتل منهما جماعة، وجرح جماعة،


(١) منديلا: منديل.
(٢) بيرمى: كذا فى الأصل، ويلاحظ الأسلوب العامى فى هذه العبارة، واستعمال الباء فى المضارع.
(٣) فدقت حربى: كذا فى الأصل.