للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مغرما بحبّ النساء، وكان شجاعا بطلا، يحبّ الحرب، ويقمع الجبابرة.

وفى أيامه وقع الطوفان العميم بالدنيا، وكانت الكهنة تخبر بذلك من أيام سورنيد، حتى إنّه بنى (١) الأهرام، وقد تقدّم ذكر ذلك عند قصّة نوح، .

قيل لما أقبل الطوفان، ونبع الماء، كان فرعان سكرانا لا يعى، فقام ليهرب فى الأسراب من الماء، فتخلخلت به الأرض، ونبع الماء من تحت قوائم فرسه، فسقط فى الماء، وغرق؛ وهلك من دخل فى الأسراب بالغم، وقد طغى الماء وعمّ الدنيا، مشرقا ومغربا، وهلك كل من على وجه الأرض، من آدمى ووحش وطير، ولم ينج (٢) من هذا الأمر إلا من دخل السفينة، وقد تقدّم ذكر ذلك.

فهذه أخبار من ملك أرض مصر قبل الطوفان، ومن هنا نشرع فيمن ملكها بعد الطوفان، وهم أمم غير هؤلاء الذين تقدّم ذكرهم.

قال ابن عبّاس، : إنّ نوحا لما خرج من السفينة، كان معه أربعة أولاد، وهم: سام، وحام، ويافث، وأرفخشذ؛ وقيل كان له ولد آخر يسمّى يحطون، فلما خرج من السفينة، قسّم الأرض بين أولاده، وأولاد أولاده، فأعطى بيصر ابن ولده حام، أرض مصر.

قال ابن عبد الحكم: إنّ بيصر بن حام بن نوح هو الذى بنى (١) مدينة منف بعد الطوفان، وهى أول مدينة بنيت، بعد مدينة أمسوس، بأرض مصر، وصارت منف دار المملكة بعد أمسوس. وكان بيصر بن حام له ثلاثون ولدا، فبذلك سمّيت مدينة منف «مافة»، وهى بلسان القبط ثلاثون.

فسكن بيصر بن حام بمنف، هو وأولاده، وأنشأ بها العجائب، وكانت فى غربى النيل، على مسافة اثنى عشر ميلا، فى مثلها؛ وكان لها من الأبواب سبعين بابا، مصفّحة بالنحاس الأصفر؛ وكان بها سبعة بيوت من رخام أخضر، باسم الكواكب السبعة، وقد بقى من هذه البيوت بيت (٣)، كان بمنف إلى سنة خمسين وسبعمائة،


(١) بنى: بنا.
(٢) ولم ينج: ولم ينجوا.
(٣) بيت: بيتا.