للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما بلغ ذلك إلى خادم من خدّام أمّ السلطان خوند بركة، أحضر له بتابوت تحت الليل وحمله فيه، وتوجّه به إلى مدرسة أمّه التى فى التبّانة، فغسّلوه هناك وكفّنوه، وصلّوا عليه، ودفنه فى القبة التى تجاه المدرسة، بجوار بيت الأمير قرقماس الجلب، ومضى أمره.

وكان الأشرف شعبان حسن الشكل، جميل الوجه، كامل الهيئة، ليّن الجانب، يحبّ العدل فى الرعيّة، منقادا إلى الشريعة، ويحبّ العلماء، ويعظّمهم ويوقّرهم، وكان كثير البرّ لهم، وكان محسنا لأقاربه، وأبناء أعمامه، بخلاف من تقدّمه من بنى قلاون؛ وكان كثير البرّ والصدقات على الفقراء والمساكين، وأصحاب السجون.

وأبطل عدّة مكوس شنيعة، وكان يتحصّل منها مال عظيم، وهى ضمان المغانى، والقراريط، وغير ذلك؛ وساس الناس فى أيامه أحسن سياسة، ومات والناس عنه راضية؛ وكانت الدنيا فى أيامه هادئة من الفتن والتجاريد، وعصيان النوّاب، وفساد العربان، وكان محبّبا للرعيّة.

وهو أول من جدّد الأقبية البيض البعلبكى، بالطرز الذهب، التى (١) تلبسها الأمراء والعسكر فى أيام المواكب، وكذلك الأقبية الصوف التى بالوجهين؛ وهو أول من جدّد الأشرفيّات البعلبكى الأبيض، التى تلبس فوق الكبورا البيض؛ وكان له محاسن كثيرة من هذا النمط، وفيه يقول القائل:

للملك الأشرف السلطان سيدنا … مناقب بعضها يبدو به العجب

له خلائق بيض لا يغيّرها … صرف الزمان كما لا يصدأ الذهب

ولما مات خلّف من الأولاد ستة ذكور، وسبع (٢) بنات، فالذكور: سيدى أمير على الذى تسلطن بعده، وسيدى أمير حاج، وقد تسلطن أيضا بعد أخيه، وسيدى قاسم، وسيدى محمد، وسيدى إسمعيل، وسيدى أبو بكر، وولد له بعد موته سيدى أحمد، الذى من خوند سمرا.


(١) التى: الذى.
(٢) وسبع: وسبعة.