للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنا بانى الأهرام فى مصر كلها … ومالكها قدما بها والمقدم

تركت بها آثار علمى وحكمتى … على الدهر لا تبلى ولا تتثلم

وفيها كنوز جمّة وعجائب … وللدهر لين مرّة وتهجم

وفيها علومى كلها غير أننى … أرى قبل هذا أن أموت فتعلم

ستفتح أقفالى وتبدو عجائبى … وفى ليلة فى آخر الدهر تنجم

ثمان وتسع واثنتان وأربع … وسبعون بعد المائتين تسلم

ومن بعد هذا جرّ تسعين برهة … وتلقى البرابى سحرها وتهدم

ترون فعالى فى صخور صنعتها … ستبقى وأفنى ثم تبلى وتعدم

فجمع ابن طولون الحكماء، وأمرهم بأن يحسبوا هذه المدّة، فلم يقدروا على ذلك؛ ووجدوا تاريخ هذه الكتابة قبل أن تبنى (١) مصر بأربعة آلاف سنة، فلم يحصوا ذلك، فترك فتح الأهرام، ولم يظفر منه بغير تلك القطعة المرجان، انتهى؛ وقال بعض الشعراء:

ألست ترى (٢) الأهرام دام بناؤها … ويفنى لدينا العالم الإنس والجن

كأن رحى (٣) الأفلاك أكوارها على … قواعدها الأهرام والعالم الطحن

وقال آخر:

لله أى غريبة وعجيبة … فى صنعة الأهرام للألباب

تحكى الخيام مقامة فى نصبها … من غير أعمدة ولا أطناب

وقال السراج الورّاق:

هل شائد الهرمين ثبّت سفحها … خوف اهتزاز الأرض من خيلاء

أم خالها حسناء تجلى فابتنى … نهدين فوق ترائب الحسناء

وقال الشهاب المنصورى:

إن جزت بالهرمين قل كم فيهما … من عبرة للعاقل المتأمّل


(١) تبنى: تبنا.
(٢) ترى: ترا.
(٣) رحى: رحا.