للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الأمراء، الذين (١) حضروا من العقبة، عند قبّة النصر، فقبضوا عليهم قبضا باليد.

فلما ظفروا بالأمراء قطعوا رءوس خمسة منهم، وهم: الأمير أرغون شاه، والأمير صرغتمش، والأمير بيبغا السابقى، والأمير بشتاك الكريمى، والأمير أرغون العزّى الأفرم.

فأتوا برءوسهم إلى تحت القلعة، وهم يقولون: «صلّى على محمد»؛ ثم علّقوا تلك الرءوس على باب القلعة، وأقاموا بقيّة ذلك اليوم، ثم دفعوا الرءوس إلى أهلها، فدفنوهم، وأحضروا جثثهم أيضا.

ولم يظفروا بالسلطان، فنادوا فى القاهرة: «كل من أخفى (٢) السلطان، ولم يقرّ به شنق على باب داره»؛ فاضطربت أحوال القاهرة، وأغلقوا الأسواق والحوانيت قاطبة، وقد عظمت الفتنة، واشتدّ الأمر.

وأما ما كان من أمر السلطان الأشرف شعبان، فإنّه لما هرب من العقبة تحت الليل، أتاه مقدّم الهجانة محمد بن عيسى، شيخ العاية، فقال له: «آخذك وأتوجّه بك إلى نحو البلاد الشامية، فيتسامع بك العسكر، فيلتفّوا عليك، وكذلك العربان، فتقوى شوكتك، وتلتفّ عليك النوّاب، وترجع إلى مصر، وتحارب الأمراء الذين (١) كانوا سببا لهذه الفتنة، وتأخذ مملكتك بالسيف».

فوافقه السلطان على ذلك، فتعرّض إليه الأمير أرغون شاه ومنعه من ذلك، فأتى إلى القاهرة، ودخلها تحت الليل، هو والأمير أرغون شاه؛ فبلغه ما جرى بمصر فى غيبته، وقد سلطنوا ابنه أمير على، وخلعه من الملك، وجرى ما جرى.

فبات وراء الجبل الأحمر على الرمل إلى آخر الليل، فانسلّ من عند الأمير أرغون شاه وحده بمفرده، ومشى على أقدامه من الجبل الأحمر، حتى أتى إلى حارة الجودرية (٣)، فاختفى (٤) بها عند امرأة، يقال لها آمنة، زوجة ابن المشتولى، وكانت من عيال أمّه


(١) الذين: الذى.
(٢) أخفى: أخفا.
(٣) حارة الجودرية: كذا فى الأصل، وقد تكرر ذكرها فيما يلى، ومكانها معروف.
(٤) فاختفى: فاختفا.