للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن فيهم أمير مقدّم ألف، ولا أمير طبلخاناة، والتفّ عليهم جماعة من مماليك الأسياد، ومن مماليك الأمراء المسافرين مع السلطان، ومن المماليك البطّالة، وأوعدوهم بأن ينفقوا عليهم، لكل واحد منهم عشرة آلاف درهم، فمالوا إليهم، وتحالفوا جميعا على ذلك الاتّفاق، وركبوا بآلة الحرب، ونزل إليهم المماليك السلطانية، الذين بالطباق، وصعد الذين كانوا أسفل إلى القلعة، وصاروا الجميع بباب الستارة.

فخرج إليهم الأمير الزمام (١) سابق الدين مثقال الجمالى، والأمير جلبان، لالا الأسياد، والأمير آقبغا جركس، لالا ثانى، فقالوا لهم: «وما الخبر»؟، قالوا: «سمعنا أنّ السلطان لما وصل إلى العقبة، وثبوا عليه المماليك هناك وقتلوه، فأخرجوا لنا ابن أستاذنا أمير على حتى نسلطنه»؛ ولم يكن لهذا الكلام صحّة بموت السلطان، فكان الفال بالمنطق كما يقال:

احفظ لسانك أن تقول فتبتلى … إنّ البلاء موكل بالمنطق

فلما أغلظوا فى القول على الأمير الزمام، وعيّنوا له القتل، وكذلك الأمير جلبان اللاّلا، وأمير آقبغا جركس لالا ثانى، فدخلوا باب الستارة، وأغلقوا الباب.

فكسروا المماليك شبّاك قاعة الزمام، ونزلوا إلى رحبة باب الستارة، ودخلوا قاعة الحريم، وأخرجوا سيدى أمير على، وأجلسوه بباب الستارة، وأحضروا الأمير أيدمر الشمسى، نائب الغيبة، وألزموه بتقبيل الأرض إلى أمير على بن السلطان.

ثم أركبوه من باب الستارة إلى الإيوان الكبير بالقلعة، المعروف بدار العدل، فأجلسوه على تخت الملك، وقبّلوا له الأرض المماليك أجمعين، ولقّبوه بالملك المنصور، ونادوا باسمه فى القاهرة، ودقّت له البشائر بالقلعة، ولم يلتفتوا إلى مبايعة الخليفة له.

ثم فى ذلك اليوم قبض الأمير طشتمر اللفاف، والأمير قرطاى، على جماعة من الأمراء ممن كان تخلّف بالقاهرة، منهم: الأمير طشتمر الصالحى أحد الأمراء العشرات، والأمير بلاط السيفى ألجاى، والأمير حطط اليلبغاوى، وغير ذلك من الأمراء العشرات، فلما قبضوا عليهم سجنوهم بالقلعة.


(١) الزمام: الزمان.