وفيه خلع على الأمير مغلطاى الجمالى، واستقرّ كاشف الوجه البحرى، عوضا عن جرجى البالسى، بحكم وفاته. - وفيه خلع على الشريف عاصم، واستقرّ كاشف الوجه القبلى.
وفى شهر شوّال، اضطرب أحوال العسكر، بسبب خروج السلطان إلى سفر الحجاز، وقد تحقّقوا ذلك.
وفى هذا الشهر، أخذ السلطان فى أسباب ضبط أمور أحوال المملكة فى غيبته، فرسم للأمير آقتمر الحنبلى، أمير كبير، أن يخرج إلى بلاد الصعيد، ومعه عدّة من الأمراء والأجناد، ويقيم به، لحفظه فى مدّة غيبة السلطان.
وقرّر الأمير آقتمر عبد الغنى، أن يكون نائب الغيبة بمصر، إلى أن يحضر السلطان، وندب عدّة من الأمراء للمبيت كل ليلة فى قلعة الجبل، لحفظها.
ورسم للأمراء المقيمين بالقاهرة أن فى كل يوم اثنين وخميس يحضروا إلى الخدمة عند باب الستارة، ويعطوا الخدمة إلى ولد (١) السلطان سيدى على، ويقفوا ساعة لطيفة، ثم يقوم سيدى على بن السلطان من مجلسه ويشير للأمراء بيده «بسم الله» فينصرفوا بعد أن يسقيهم السكّر.
ثم إنّ السلطان عيّن جماعة من الأمراء إلى ثغر الإسكندرية، وإلى دمياط والبرلس، لحفظ الثغور. - ورسم للأمير أيدمر الشمسى، بأن يكون نائب الغيبة بالمدينة، يحكم بين الناس فى غيبة السلطان؛ وعيّن جماعة من الحجّاب، بأن يتوزّعوا فى الحارات والخطط، لحفظ القاهرة ومصر العتيقة.
وضبط أمور المملكة قبل خروجه إلى الحجاز، وأخذ معه من الأمراء من يخشى بأسه، وترك بالقاهرة من الأمراء من يركن إليه، وظنّ أنّ الأمور قد استقامت له، فجاء المقدور من الله تعالى بخلاف ذلك، فكان كما يقال فى المعنى:
إذا لم يكن عون من الله للفتى … فأول ما يجنى عليه اجتهاده
قيل إنّ جماعة من الصالحين، لما قوى عزم السلطان على السفر، نهوه عن ذلك،